للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهم الذين حملوا الإسلام وأبلغوه، ونقلوا الأمم إلى الإسلام «١» ونشروه وعلّموه وحموه، وحملوه في سلوكهم ونفوسهم وصدورهم هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً (٢٨) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً [الفتح: ٢٨- ٢٩] «٢» . فأيّا منهم تنظر إليه، ترى فيه الآفاق العجيبة والنفس القوية الرحيبة.

فلقد روي عن عبد الله بن عمر (٧٤ هـ- ٦٩٣ م) قوله في الصحابة الكرام- وهو منهم- يبين نوعيتهم ومكانتهم من الإسلام وحرصهم على اتّباع النبي صلى الله عليه وسلم. فلتقتد الأمة بهم، خلف نبينا الكريم ورسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم. وهو يحث على الأخذ بما كانوا عليه من ذلك الاتّباع والالتزام، الذي شملهم بذلك وصف الخيرية، ومن سلك مسلكهم وعمل عملهم والتزم بهدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فوفّاها حقّها وأدى مطلوبها وحمل رسالتها. فيقول رضي الله عنه: «من كان مستنا فليستنّ بمن قد مات، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا خير هذه الأمة، أبرّها قلوبا وأعمقها علما وأقلّها تكلّفا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونقل دينه، فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم، فهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا على الهدى المستقيم والله ربّ الكعبة» «٣» .

وحين سئل ابن عمر إن كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يضحكون، قال: (نعم


(١) انظر: التاريخ الأندلسي (١٧٣) .
(٢) وانظر: حياة الصحابة (١/ ٣٥، ٤٥، ٣٠١) .
(٣) سبق ذكره، ص ١٨. انظر: حلية الأولياء (١/ ٣٥) . حياة الصحابة (١/ ٤٦) . أخبار عمر وأخبار عبد الله بن عمر، (٤٥٠) .

<<  <   >  >>