للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنا ابن الأكوع ... واليوم يوم الرضّع

وإذا كان [كثر] «١» الشجر رشقهم بالنبل، فإذا تضايقت الشجرة «٢» علا الجبل ورماهم بالحجارة، فما زال ذلك دأبه ودأبهم ويرتجز حتى ما بقى من ظهر النبي صلى الله عليه وسلم إلا استنقذه من أيديهم وخلفه وراء ظهره، ثم لم يزل يرميهم حتى طرحوا أكثر من ثلاثين بردة «٣» يستخفون بها، فكلما ألقوا شيئا جمع عليه سلمة، فلما اشتد الضحى أتاهم عيينة بن حصن بن بدر الفزاري ممدّا «٤» لهم وهم في ثنية ضيقة في علوة الجبل فقال لهم: ما هذا الذي أرى؟ قالوا: لقد لقينا من هذا- يعنون سلمة، ما فارقنا منذ سحر حتى الآن، وأخذ كل شيء من أيدينا وخلفه وراءه، فقال عيينة:

لولا أن هذا يرى وراءه طلبا لقد ترككم! فليقم إليه نفر منكم، فقام إليه نفر منهم أربعة وصعدوا في الجبل فقال لهم سلمة: أتعرفوني؟ قال: ومن أنت؟ قال: ابن الأكوع! والذي كرم وجه محمد صلى الله عليه وسلم! لا يطلبني «٥» رجل منكم فيدركني ولا أطلبه فيفوتني، فبينا سلمة يخاطبهم إذ نظر فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحقوا يتخللون الشجر وإذا أولهم الأخرم «٦» الأسدي وعلى أثره أبو قتادة وعلى أثره المقداد «٧» الكندي «٨» ، فولى المشركون «٩» مدبرين «١٠» ، فنزل سلمة من الجبل وقال: يا أخرم!


(١) ليست الزيادة في الأصل هنا وقد مضى آنفا.
(٢) في الأصل «الشاة» ولعله تصحف عن «الشجرة» ، وفي الطبري «وإذا تضايق الجبل فدخلوا في متضايق علوت الجبل ... » .
(٣) من الطبري، وفي الأصل «برده» كذا.
(٤) من الطبري، وفي الأصل «ممرا» .
(٥) كذا في ف، وفي الطبري ٣/ ٦١ «لا أطلب أحدا منكم إلا أدركته ولا يطلبني فيدركني، قال أحدهم: إن أظن، قال: فرجعوا فما برحت مكاني ذلك حتى نظرت إلى فوارس رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخللون الشجر ... » .
(٦) التصحيح من الطبري، وفي ف «الأحزم» خطأ.
(٧) من الطبري، ووقع في ف «المقدار» مصحفا.
(٨) وهو ابن أسود.
(٩) في ف «المشركين» .
(١٠) في ف «مديرون» .

<<  <  ج: ص:  >  >>