للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دائما نستخدم لفظ الروم الذي استخدمه القرآن الكريم للتعبير عما يسميه المؤرخون الدولة الرومانية الشرقية. تلك الدولة التي كانت تمثل أوربا كلها في تلك الأزمان، فبعد التجارب التي مر بها المسلمون مع الروم قبيل غزوة تبوك، والتي وضحت لهم أنهم لن يتركوا الإسلام يشق طريقه إلى العالم في أمن وسلام- كان واضحا أن الصدام العسكري معهم أمر لا مفر منه طال الزمن أم قصر، وعلى كل حال لم يطل الزمن كثيرا على بداية هذا الصدام، فبعد ما يقرب من ثلاثة أعوام بعد تبوك بدأ هذا الصدام في عهد الصديق رضي الله عنه، وفي عهد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، طرد الروم نهائيّا من الشام ومصر، ولم تنس أوربا مطلقا وطوال تاريخها وحتى الآن هذا الذي حدث في عهد الخلفاء الراشدين، واعتبرت أن هزيمة الروم أمام المسلمين هزيمة لها كلها، ولم تكن الحروب الصليبية- بعد ما يقرب من خمسة قرون من هذا التاريخ- والتي عبأت فيها أوربا كل قواها لغزو الشرق الإسلامي، لم تكن هذه الحروب إلا رد فعل أوربا للانتقام من المسلمين وهزيمتهم كما هزموا هم الروم قبل قرون. وإذا كانت الحروب الصليبية قد حققت أهدافها في البداية لأسباب تتعلق بالعالم الإسلامي نفسه، وما كان عليه من الضعف والتفكك. إلا أن الصليبيين طردوا في النهاية- بعد وجود استمر قرنين كاملين من نهاية القرن الحادي عشر حتى نهاية القرن الثالث عشر الميلادي- إلا أن عداء أوربا للإسلام والمسلمين لم ينته بانتهاء العدوان الصليبي على الشرق الإسلامي، بل إن أوربا عادت من الشرق الإسلامي مهزومة وخائبة، لتشن حربا صليبية أخرى ضد الوجود الإسلامي في أسبانيا، وصبت كل أحقادها وثاراتها على المسلمين هناك، وأجبرت بعضهم على التنصر، ومن رفض التنصر قتل. وأبيد بسبب ذلك ملايين المسلمين في شراسة لم يعرف لها التاريخ مثيلا، ومن استطاع الهرب من المسلمين والنجاة من وحشية الصليبيين الأوربيين وعبر المضيق إلى شمال أفريقيا، لاحقه الأسبان والبرتغاليون، وبدأت أوربا عمليتها في تطويق العالم الإسلامي من الخلف في بداية عهد الاستعمار الأوربي الحديث للعالم. ووصل الأسبان والبرتغاليون إلى شواطئ شبه الجزيرة العربية وتبعهم الإنجليز والفرنسيون، كل هذا بمباركة الكنيسة الكاثوليكية في روما بزعامة البابا، وإن الذي يدرس رسائل البابوات المتعاقبة، لرواد السطو الاستعماري الأوربي من الأسبان والبرتغاليين وغيرهم على الشرق الإسلامي، من يدرس هذه الرسائل يجدها تفيض بالحقد على الإسلام والمسلمين، فهي تنص في صراحة أن البابا يوصي

<<  <   >  >>