للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضمن نفوذ الدولة الإسلامية.

والذي حمل رسالة النبي صلّى الله عليه وسلم إلى كسرى أبرويز بن هرمز، هو عبد الله بن حذافة السهمي، فلما أوصل إليه الرسالة، وقرئت عليه استبد به الغضب والغرور وقال: يكتب إليّ وهو عبدي- يقصد النبي صلّى الله عليه وسلم- وطرد عبد الله بن حذافة- مبعوث النبي صلّى الله عليه وسلم- من المدائن، ثم أرسل كتابا إلى باذان- عامله على اليمن- أن ابعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز رجلين من عندك جلدين فليأتياني به «١» .

فامتثل باذان لأمر سيده، وأرسل قائدين من قواده هما خرخسرو وبابويه ومعهما عدد من الجنود، وقال لبابويه: ائت بلد هذا الرجل وكلمه وائتني بخبره فخرجا حتى قدما على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فكلمه بابويه فقال: إن شاهنشاه- ملك الملوك كسرى- قد كتب إلى الملك باذان يأمره أن يبعث إليك من يأتيه بك، وقد بعثني إليك لتنطلق معي، فإن فعلت كتب فيك إلى ملك الملوك ينفعك ويكفه عنك، وإن أبيت، فهو من قد علمت، فهو مهلك، ومهلك قومك، ومخرب بلادك، فقال لهما رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ارجعا حتى تأتياني غدا» وأتى رسول الله الخبر من السماء وأن الله سلط على كسرى ابنه شيرويه فقتله، فدعاهما فأخبرهما، فقالا له: هل تدري ما تقول؟ إنا قد نقمنا عليك ما هو أيسر من هذا، أفنكتب هذا عنك ونخبر الملك؟ قال: «نعم، أخبراه ذلك عني، وقولا له: إن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ ملك كسرى ... وقولا له: إن أسلمت أعطيت ما تحت يديك وملكتك على قومك من الأبناء» «٢» .

أوصل رسولا باذان رسالة النبي صلّى الله عليه وسلم إليه ثم جاءته الأخبار من فارس تصدق ما أخبر به النبي صلّى الله عليه وسلم، فلم يلبث باذان أن أراد الله به خيرا وشرح صدره للإسلام، وأرسل إلى النبي صلّى الله عليه وسلم وفدا برئاسة فيرزز الديلمي بإعلان إسلامه وإسلام الأبناء من أهل اليمن «٣» .

وأقره النبي صلّى الله عليه وسلم على حكم المناطق التي كان يتولاها تحت الإدارة الفارسية، والتي يبدو أنها كانت قاصرة على منطقة صنعاء وما حولها؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم ولى ولاة آخرين على بقية مناطق اليمن التي تتابع دخولها في الإسلام، وكانت سياسة النبي صلّى الله عليه وسلم أن يولي على كل قوم زعيما منهم. وكيفما كان الأمر فإن باذان كان


(١) انظر نص كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم إلى كسرى في الطبري (٢/ ٦٥٤، ٦٥٥) .
(٢) المصدر السابق (٢/ ٦٥٦) .
(٣) المصدر السابق (٢/ ٦٥٦) .

<<  <   >  >>