للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دولة الإسلام وعلاقاتها الدولية في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم إلى عالمنا المعاصر، ذلك العالم المضطرب، المتوتر الأعصاب، المكدود الذهن الذي تسوده الحروب والقلاقل والفقر في كثير من أجزائه. إلى هذا العالم الذي يحاول الأقوياء فيه السيطرة على الضعفاء وإذلالهم وتسخيرهم لمصالحهم، بل أكثر من هذا؛ فإن هؤلاء السادة الأقوياء الأغنياء بدلا من أن يعملوا على استقرار العلاقات بين الدول صغيرها وكبيرها على قاعدة المساواة والعدل، راحوا يشعلون الحروب بين الدول الصغيرة الفقيرة، ويحرضونها على بعضها، ليضمنوا بسط سيطرتهم عليها من ناحية، ومن ناحية ثانية ليروجوا لتجارة السلاح الذي يصنعونه، حتى تمتلئ خزائنهم بالمال الحرام، الذي يأتي من أقوات الشعوب المقهورة، والتي هي في حاجة إلى طعام وليس إلى سلاح، والأمثلة كثيرة وماثلة أمام أعيننا.

إلى هذا العالم الذي يسود علاقاته الدولية المكر والخداع والنفاق والغدر، بسبب غياب الوازع الديني والأخلاقي عن ضمائر ساسته وزعمائه الكبار، الذين يقررون مصائره، والذين لا يتورعون عن أن يدوسوا بأقدامهم كل عهد وميثاق قطعوه على أنفسهم، إذا كان ذلك يعود عليهم بمصلحة مادية؛ لأنهم تركوا الدين وشرائع الله وراء ظهورهم. إلى هذا العالم المضطرب المكدود أهدي هذا البحث «دولة الإسلام وعلاقاتها الدولية في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم» ليعرف هذا العالم كيف قامت العلاقات الدولية في الإسلام على أسس متينة من السلام والمساواة والعدل وصيانة العهود والمواثيق. وكيف رعت وصانت هذه العلاقات حقوق الإنسان وكرامة الإنسان من حيث هو إنسان، واستهدفت حياة يسودها الحب والتعاون من أجل خير الجميع وسعادة الجميع. لعل الناس يهتدون، ويعودون إلى تحكيم شريعة الله سبحانه وتعالى في سلوكهم وعلاقاتهم وكل شؤون حياتهم إذا كانوا يريدون الخلاص مما هم فيه من بلاء وشقاء، وأن يعم بينهم الحب والتعاون والإخاء.

وقد تناول البحث الموضوعات الآتية: قيام دولة الإسلام في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم- الإسلام دين عالمي- السلام أساس العلاقات الدولية في الإسلام- الحرب المشروعة في الإسلام- آدب الحرب في الإسلام- مبادئ القانون الدولي في الإسلام- الإسلام

<<  <   >  >>