للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصبحت مركزا هامّا لصناعة السفن بعد الفتح الإسلامي بسنوات قلائل، وأن الأساطيل كانت تخرج منها للغزو، ففي إحدى البرديات يطلب والي مصر قرة بن شريك (٩٠- ٩٦ هـ/ ٧٠٨- ٧١٤ م) من باسيليوس، حاكم كوم شقاو إرسال الزبد من أجل المقاتلين بالأسطول الهجومي المصري إلى تيودور الجسال الذي كان يقود الأسطول في الإسكندرية، وكان مسيحيّا على ما هو ظاهر من اسمه.

وتحتوي بردية أخرى على طلب عاجل، يطلب فيه الوالي ملاحين وعمالا مهرة للعمل في أسطول الإسكندرية.

إضافة إلى المعلومات الوفيرة التي زودتنا بها برديات كوم شقاو عن دار صناعة السفن بالإسكندرية، فإننا نجد حشدا كذلك من المعلومات عن الموضوع نفسه في كتب الجغرافيين والمؤرخين والرحالة المسلمين، فقد تحدث هؤلاء بإطناب- أحيانا- عن الإسكندرية ودار صناعتها ومكانتها الكبيرة في نشاط الأساطيل الإسلامية، وتزويدها بكل ما تحتاج.

كما تحدثوا عن منارتها- إحدى عجائب الدنيا- التي كانت لا تزال موجودة عند الفتح الإسلامي، واستمرت بعده تؤدي رسالتها في خدمة الأغراض البحرية، كما وصفوا مرآتها التي كانت تعلوها، وقالوا: إنها كانت تستخدم في رؤية العدو من بعد إذا قدم من بلاد الروم، وفي خطط المقريزي «١» كثير من هذه المعلومات.

وقد ذكر الرحالة الفارسي ناصر خسرو- الذي زار الإسكندرية في عهد الخليفة الفاطمي المستنصر فيما بين سنتي (٤٣٩- ٤٤٢ هـ/ ١٠٤٧- ١٠٥٠ م) - أن منارة الإسكندرية كانت لا تزال موجودة تؤدي رسالتها عند زيارته للإسكندرية، ومن قوله في ذلك الشأن: وفي الإسكندرية منارة كانت قائمة وأنا هناك، وقد كان فوقها مرآة محرقة، فلما جاءت سفينة رومية من القسطنطينية أصابتها نار من هذه الحرّاقة فأحرقتها «٢» .

وتتجلى أهمية قاعدة الإسكندرية في أن لها ميناءين عظيمين، يتسع كل منهما لعدد كبير من السفن، فضلا عن هدوء المياه في هذين الميناءين، بسبب وقوع جزيرة تدعى جزيرة فاروس شمالي الإسكندرية، وتمتد إلى حوالي ثلاثة أميال،


(١) (١/ ٥١) وما بعدها.
(٢) نقلا عن تاريخ البحرية المصرية- مرجع سابق (ص ٣٤٢، ٣٤٣) .

<<  <   >  >>