للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السير والمغازي، مثل محمد بن إسحاق ومحمد بن عمر الواقدي، وقد توفي عاصم (عام ١٢٠ هـ) وقيل عام سبع وعشرين ومائة.

* رجال الطبقة الثالثة من كتّاب المغازي والسير:

قلنا في صدر هذا البحث: إن الكتابة والتأليف في المغازي والسير خضعت لسنة التدرج والتطور، وكلّما مرّ الزمن اتسعت دائرة العلماء، ولذلك ففرسان هذه الطبقة كثيرون، ومن ثم فنحن مضطرون للحديث عن أشهرهم، مثل موسى بن عقبة، ومعمر بن راشد، حديثا موجزا، ثم نتحدث بالتفصيل عن أشهر رجال هذه الطبقة على الإطلاق وإمام هذا الفن، وهو محمد بن إسحاق؛ لأهميته وتأثيره الكبير في ذلك العلم الذي أصبح الناس فيه عيالا عليه، حسب تعبير الإمام الشافعي- رحمة الله تعالى عليه- والآن إلى الحديث عن:

١- موسى بن عقبة:

هو مولى من الموالي، وكان مولى لآل الزبير، وقد مر بنا أن بيت الزّبيريين كان حافلا بعدد هائل من العلماء خاصة في ميدان المغازي والسير، مثل عروة بن الزبير وابنيه هشام ويحيى، وعمر بن عبد الله بن الزبير، ومحمد بن جعفر بن عبد الله بن الزبير، ويحيى بن عباد بن الزبير، وقد عرفنا الصلة التي كانت تربط الزبيريين ببيت النبي صلّى الله عليه وسلم عن طريق خالتهم السيدة عائشة رضي الله عنها مما جعلهم مصدرا موثوقا به عن أخبار سير ومغازي رسول الله، وقد استفاد مواليهم من صلتهم بهم، ومن أبرزهم عالمنا هذا الذي نحن بصدد الحديث عنه، وهو موسى بن عقبة الذي كان له أخوان أكبر منه سنّا، وهما إبراهيم بن عقبة ومحمد بن عقبة، وكان الثلاثة من أبرز تلاميذ مدرسة المدينة المنورة في الفقه والحديث، وإن كان عقبة قد برز واشتهر في علم المغازي، وكان ثقة عند العلماء حتى استحق أن يقول عنه الإمام مالك بن أنس:

«عليكم بمغازي ابن عقبة، وهي أصح المغازي» «١» .

وقد كتب سيرة مختصرة موجزة، لم تصل إلينا كاملة، وإنما وصلتنا منها مقتطفات في طبقات ابن سعد، وتاريخ الطبري، ويروي موسى بن عقبة أن أحد موالى عبد الله بن عباس وهو كريب بن أبي مسلم- وضع عنده حمل بعير من


(١) انظر: ضحى الإسلام- أحمد أمين (٢/ ٣٢٧) ، والسيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة للشيخ محمد أبو شهبة (١/ ٢٦) .

<<  <   >  >>