للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولا: فساد الأحوال في مملكة القوط يكاد يكون عامّا في شتى ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فكانت المنازعات والمنافسات على الحكم تكاد تمزق تلك المملكة، بل تتحدث المصادر التاريخية عن دور لبعض الشخصيات القوطية المؤثرة في تسهيل عملية الفتح للمسلمين وبصفة خاصة الأمير يوليان- أمير سبتة- ورئيس أساقفة إشبيلية، بل تتحدث المصادر عن انضمام أولاد الملك المخلوع) Witiza الذي تسميه المصادر العربية غيطشة) إلى طارق بن زياد أثناء المعركة الرئيسية مع روذريق Rodrigo في وادي شذونة، وكان انضمامهم ذلك من أسباب سرعة الفتح وسهولته.

يقول أبو بكر بن القوطية «١» : «فلما دخل طارق بن زياد الأندلس أيام الوليد ابن عبد الملك كتب روذريق Rodrigo إلى أولاد الملك غيطشة Witiza وقد ترعرعوا وركبوا الخيل يدعوهم إلى مناصرته وأن تكون أيديهم واحدة على عدوهم، فحشدوا الثغر وقدموا فنزلوا شقندة، ولم يطمئنوا إلى روذريق بدخول قرطبة فخرج إليهم ثم نهض للقاء طارق فلما تقاتلت الفئتان أجمع المند- ابن غيطشة- وأخوه على الغدر بروذريق، وأوصلوا في ليلتهم تلك إلى طارق يعلمونه أن روذريق إنما كان كلبا من كلاب أبيهم وأتباعه. ويسألونه الأمان على أن يخرجوا إليه في الصباح وأن يمضي لهم ضياع أبيهم بالأندلس، وكانت ثلاثة آلاف ضيعة، سميت بعد ذلك صفايا الملوك. فلما أصبحوا تحاشوا بمن معهم إلى طارق فكان ذلك سبب الفتح» ا. هـ.

ويتحدث ابن القرطبة عن وصول أولاد الملك غيطشة إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك في دمشق حيث أنفذ لهم الوعد الذي كان قد أعطاهم إياه طارق بن زياد. وهذا يدل على حجم المنازعات والأحقاد التي كانت بين الطبقة القوطية الحاكمة في الأندلس. والتي كانت بدون شك من أسباب سهولة وسرعة الفتح الإسلامي لتلك البلاد.


وعلي إبراهيم المنوفي والسيد عبد الظاهر عبد الله- طبع الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، القاهرة (٢٠٠٠ م) ، د. عبد الرحمن علي الحجي- التاريخ الأندلسي من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة (٩٢- ٨٩٧ هـ/ ٧١١- ١٤٩٢ م) دار الاعتصام، (القاهرة ١٤٠٣ هـ/ ١٩٨٣ م) ، ومحمد عبد الله عنان- دولة الإسلام في الأندلس (ج ١) نشر الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة (٢٠٠١ م) .
(١) تاريخ افتتاح الأندلس (ص ١٩، ٢٠) .

<<  <   >  >>