للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فبالإضافة إلى الارتقاء بالمحاصيل التقليدية التي كانت موجودة في الأندلس قبل الفتح الإسلامي؛ مثل الحبوب كالقمح والشعير وبعض أنواع الفواكه وغابات الأخشاب إضافة إلى هذا كله أدخل العرب معهم محاصيل كثيرة لم تكن معروفة في البلاد من قبل؛ مثل القطن وقصب السكر والأرز والتفاح والبطيخ والرمان الذي جلبه الأمويون من الشام، وخاصة رمان الرصافة الذي أحضره عبد الرحمن الداخل، ويروى أن الرجل الذي أحضره كان اسمه سفر بن عبيد التلاعي، فنسب إليه فقيل الرمان السفري «١» . وبهذا التنوع في المحاصيل الزراعية أصبحت الأندلس جنة واسعة، بفضل أساليب العرب الزراعية الفنية حسب تعبير جوستاف لوبون «٢» ولذلك تعد الأندلس في الأدبيات الإسلامية الفردوس المفقود.

[* ازدهار الصناعة:]

وكما ازدهرت الزراعة ازدهرت الصناعة بمختلف أنواعها؛ فظهرت صناعات النسيج الصوفية والقطنية والكتانية والحريرية وازدهرت صناعة الأسلحة، والسفن الحربية والتجارية، وصناعة السكر والورق والزجاج وحتى صناعة التماثيل والتحف المعدنية «٣» . والذي أدى إلى ازدهار الصناعة بهذا الشكل كثرة المعادن في باطن الأرض الأندلسية والتي بذل الأمويون جهودا كبيرة في استخراجها، مثل الذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص والزئبق ... إلخ وكانت النتيجة الطبيعية لازدهار الزراعة والصناعة أن تزدهر التجارة، وأصبح للأندلس أسطول تجاري بحري كبير يجوب المدن القريبة والبعيدة حاملا المنتجات الزراعية والصناعية الأندلسية، منطلقا من موانئ إشبيلية ومالقة ودانية وبلنسية والمرية، وقد اشتهرت العديد من المدن الأندلسية بنوع أو أكثر من المنتجات الصناعية، فقد اختصت جنجله Chinchila بالأغطية، وباسه Baza وكالسينه Calsena بالسجاد، وسرقسطه zaragoza بفراء السمور، ومالقه Malga بالخزف المذهب، وطليطله Toledo بالمجوهرات المرصعة والجلود المنقوشة، وكذلك السلاح، واختصت شاطبه jativa بصناعة الورق.


(١) راجع د. حسين دويدار- المجتمع الأندلسي في العصر الأموي، مطبعة الحسين الإسلامية، القاهرة الطبعة الأولى (١٤١٤ هـ/ ١٩٩٤ م) ، (ص ٣٤٢) .
(٢) حضارة العرب (ص ٢٧٤) .
(٣) راجع د. حسين دويدار- المجتمع الأندلسي في العصر الأموي، مرجع سابق (ص ٣٥٢) .

<<  <   >  >>