للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودورهم في الحفاظ على التراث الحضاري العظيم الذي ورثوه عن الدول السابقة في فارس والعراق والشام ومصر ... إلخ، وبدء ترجمة بعض هذا التراث إلى العربية، ودورهم في وضع أسس العلوم العربية والإسلامية ومفردات الحضارة الآخرى، ثم أوجزنا القول في الفتح الإسلامي للأندلس وظروفه، وأعطينا صورة مجملة عن الأوضاع السياسية والإدارية والعسكرية والسياسية في دولة الأمويين في الأندلس.

وفي الصفحات التالية نحاول إعطاء صورة مجملة أيضا- لأن المقام لا يتسع للتطويل- عن دور الأمويين- أمرائهم وخلفائهم- في نقل الحضارة العربية الإسلامية من المشرق إلى الأندلس، فهذا الدور هو أعظم وأخلد أدوارهم في التاريخ فقد ذهبوا وذهبت دولتهم، وبقيت آثارهم التاريخية والحضارية التي لا زالت ظاهرة- بعضها على الأقل الذي نجا من التخريب والتدمير الذي دفعت إليه روح التعصب المسيحي على أيدي محاكم التفتيش- وما عصفت به روح التعصب وضاع من الآثار المعمارية الخالدة في قرطبة والزهراء والزاهرة وغرناطة وإشبيلية.. إلخ «١» .

حفظته بطون الكتب، فقد عكفت طائفة من المستشرقين- أسبان وفرنسيين وهولنديين وألمان وإنجليز وغيرهم- على هذا التراث ودراسته، إضافة إلى العلماء العرب مثل محمد عبد الله عنان في دراسته الموسوعية عن دولة الإسلام في الأندلس والدكتور السيد عبد العزيز سالم والدكتور أحمد مختار العبادي والدكتور عبد الرحمن الحجي والدكتور حسين مؤنس والدكتور حسين دويدار، كل أولئك وهؤلاء درسوا التراث الحضاري العربي الإسلامي في الأندلس وقدموا للفكر الإنساني خدمة جليلة، ووضحوا بالأدلة والبراهين، كم كانت الحضارة العربية الإسلامية متألقة ومتوهجة على أرض الأندلس التي كانت هي البقعة الوحيدة المضيئة في أوربا الغربية في ذلك الزمان الخالد والتي عم ضوؤها على بعض دول القاهرة الأوربية فأخرجتها من عصورها الوسطى المظلمة وفتحت أمامها أبواب النهضة، وكانت قرطبة وغيرها من مدن الأندلس مقصد من يطلب العلم في مدارسها ومعاهدها، ومن يطلب العلاج في مستشفياتها، بل من يطلب أدوات الزينة ووسائل الترفيه كالموسيقى والغناء.. إلخ «٢» .


(١) راجع عن الآثار المعمارية والفنية في المدن الأندلسية كتاب فون شاك- الفن العربي في أسبانيا وصقلية. ترجمة الدكتور الطاهر أحمد مكي، طبع دار المعارف: القاهرة، الطبعة الثانية (١٤٠٦ هـ/ ١٩٨٥ م) .
(٢) راجع عباس العقاد- أثر العرب في الحضارة الأوروبية، طبع الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة، سنة (١٩٩٨ م) ، (ص ٩٠، ٩١) .

<<  <   >  >>