للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اليهود، وكذلك كان عقد معاهدة الحلف أو عدم الاعتداء مع جهينة قبل الأخذ فى النشاط العسكري، وكانت مساكنهم على ثلاثة مراحل من المدينة، وقد عقد معاهدات أثناء دورياته العسكرية وسيأتي ذكرها.

الثانية: إرسال البعوث واحدة تلو الأخرى إلى هذا الطريق.

الغزوات والسرايا قبل بدر «١» :

ولتنفيذ هاتين الخطتين بدأ في المسلمين النشاط العسكري فعلا بعد نزول الإذن بالقتال، وقاموا بحركات عسكرية هي أشبه بالدوريات الاستطلاعية، وكان المطلوب منها هو الذي أشرنا إليه من الاستكشاف والتعرف على الطرق المحيطة بالمدينة، والمسالك المؤدية إلى مكة، وعقد المعاهدات مع القبائل التي مساكنها على هذه الطرق، وإشعار مشركي يثرب ويهودها وأعراب البادية الضاربين حولها بأن المسلمين أقوياء، وأنهم تخلصوا من ضعفهم القديم، وإنذار قريش عقبى طيشها، حتى تفيق عن غيها الذي لا تزال تتوغل في أعماقه، وعلها تشعر بتفاقم الخطر على اقتصادها وأسباب معايشها فتجنح إلى السلم، وتمتنع عن إرادة قتال المسلمين في عقر دارهم، وعن الصد عن سبيل الله، وعن تعذيب المستضعفين من المؤمنين في مكة، حتى يصير المسلمون أحرارا في إبلاغ رسالة الله في ربوع الجزيرة.

وفيما يلي أحوال هذه السرايا بالإيجاز:

١- سرية سيف البحر، في رمضان سنة ١ هـ. الموافق سنة ٦٢٣ م. أمّر رسول الله صلّى الله عليه وسلم على هذه السرية حمزة بن عبد المطلب، وبعثه في ثلاثين رجلا من المهاجرين، يعترض عيرا لقريش جاءت من الشام، وفيها أبو جهل بن هشام في ثلاثمائة رجل، فبلغوا سيف البحر من ناحية العيص «٢» . فالتقوا واصطفوا للقتال، فمشى مجدي بن عمرو الجهني- وكان حليفا للفريقين جميعا- بين هؤلاء وهؤلاء، حتى حجز بينهم، فلم يقتتلوا.

وكان لواء حمزة أول لواء عقده رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان أبيض، وكان حامله أبا مرثد كناز بن حصين الغنوي.


(١) سمى المؤرخون ما خرج فيه النبي صلّى الله عليه وسلم بنفسه غزوة، حارب فيها أم لم يحارب وما خرج فيه أحد قادته سرية.
(٢) العيص- بالكسر- مكان بين ينبع والمروة ناحية البحر الأحمر.

<<  <   >  >>