للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن هذا المنزل قريب جدا من حصن نطاة، وجميع مقاتلي خيبر فيها، وهم يدرون أحوالنا، ونحن لا ندري أحوالهم، وسهامهم تصل إلينا. وسهامنا لا تصل إليهم، ولا نأمن من بياتهم، وأيضا هذا بين النخلات، ومكان غائر، وأرض وخيمة، لو أمرت بمكان خال عن هذه المفاسد نتخذه معسكرا. قال صلّى الله عليه وسلم: «الرأي ما أشرت، ثم تحول إلى مكان آخر» .

[التوجيه المعنوي:]

ولما دنا من خيبر وأشرف عليها قال: «قفوا» . فوقف الجيش فقال: «اللهم رب السماوات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أظللن، فإنا لنسألك خير هذه القرية، وخير أهلها، وخير ما فيها، ونعوذ بك من شر هذه القرية، وشرّ أهلها، وشر ما فيها، أقدموا بسم الله» «١» .

[التهيؤ للقتال وحصون خيبر:]

ولما كانت ليلة الدخول قال: «لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله» ، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، كلهم يرجو أن يعطاها فقال: «أين علي بن أبي طالب» ، فقالوا: يا رسول الله هو يشتكي عينيه «٢» . قال: «فأرسلوا إليه» . فأتي به، فبصق رسول الله صلّى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له فبرىء، كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا. قال: «انفذ على رسلك، حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم «٣» .

وكانت خيبر منقسمة إلى شطرين، شطر فيها خمسة حصون:

١- حصن ناعم.

٢- حصن الصعب بن معاذ.

٣- حصن قلعة الزبير.

٤- حصن أبي.


(١) ابن هشام ٢/ ٣٢٩.
(٢) وكان لأجل هذه الشكوى تخلف في أول المسير، ثم لحق بالجيش.
(٣) صحيح البخاري باب غزوة خيبر ٢/ ٥٠٥، ٦٠٦، ويؤخذ من بعض الروايات أن إعطاء الراية لعلي كان بعد فشل عدة محاولات لفتح حصن من حصونهم. والراجح عند المحققين هو ما ذكرنا.

<<  <   >  >>