للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فتح الشطر الثاني من خيبر:]

ولما فتح ناحية النطاة والشق، تحول رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى أهل الكتيبة والوطيح والسلام حصن أبي الحقيق من بني النضير، وجاءهم كل فل كان انهزم من النطاة والشق، وتحصن هؤلاء أشد التحصن.

واختلف أهل المغازي هل جرى هناك قتال في أي حصن من حصونها الثلاثة أم لا؟

فسياق ابن إسحاق صريح في جريان القتال لفتح حصن القموص. بل يؤخذ من سياقه أن هذا الحصن تم فتحه بالقتال فقط من غير أن يجري هناك مفاوضة للاستسلام «١» .

أما الواقدي، فيصرح تمام التصريح أن قلاع هذا الشطر الثلاثة إنما أخذت بعد المفاوضة، ويمكن أن تكون المفاوضة قد جرت لاستلام حصن القموص بعد إدارة القتال. وأما الحصنان الآخران فقد سلما إلى المسلمين دونما قتال.

ومهما كان فلما أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى هذه الناحية- الكتيبة- فرض على أهلها أشد الحصار، ودام الحصار أربعة عشر يوما، واليهود لا يخرجون من حصونهم، حتى همّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن ينصب عليهم المنجنيق، فلما أيقنوا بالهلكة سألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم الصلح.

[المفاوضة:]

وأرسل ابن أبي الحقيق إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أنزل فأكلمك؟ قال: نعم فنزل، وصالح على حقن دماء من في حصونهم من المقاتلة، وترك الذرية لهم، ويخرجون من خيبر وأرضها بذراريهم، ويخلون بين رسول الله صلّى الله عليه وسلم وبين ما كان لهم من مال وأرض وعلى الصفراء والبيضاء- أي الذهب والفضة- والكراع «٢» والحلقة «٣» إلا ثوبا على ظهر إنسان «٤» ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: وبرئت منكم ذمة الله وذمة رسوله إن كتمتموني شيئا، فصالحوه على ذلك «٥» . وبعد هذه المصالحة تم تسليم الحصون إلى المسلمين، وبذلك تم فتح خيبر.


(١) ابن هشام ٢/ ٣٣١، ٣٣٦، ٣٣٧.
(٢) اسم يجمع الخيل.
(٣) الدروع.
(٤) ولكن صرح في رواية أبي داود أنه عاهد على أن المسلمين يسمحون لليهود عند جلائهم عن خيبر أن يأخذوا من الأموال ما حملت ركابهم (انظر سنن أبي داود، باب ما جاء في حكم أرض خيبر ٢/ ٧٦) .
(٥) زاد المعاد ٢/ ١٣٦.

<<  <   >  >>