للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد دخلنا الحرم، إلهك إلهك. فقال كلمة عظيمة: لا إله اليوم يا بني بكر، أصيبوا ثأركم، فلعمري إنكم لتسرقون في الحرم، أفلا تصيبون ثأركم فيه؟

ولما دخلت خزاعة مكة لجأوا إلى دار بديل بن ورقاء الخزاعي، وإلى دار مولى لهم يقال له رافع.

وأسرع عمرو بن سالم الخزاعي، فخرج حتى قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلم المدينة، فوقف عليه، وهو جالس في المسجد بين ظهراني الناس فقال:

يا رب إني ناشد محمدا ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا «١»

قد كنتم ولدا وكنا والدا «٢» ... ثمة أسلمنا ولم ننزع يدا

فانصر، هداك الله، نصرا أيدا ... وادع عباد الله يأتوا مددا

فيهم رسول الله، قد تجردا ... أبيض مثل البدر، يسمو صعدا

إن سيم خسفا وجهه تربدا ... في فيلق كالبحر يجري مزبدا

إن قريشا أخلفوك الموعدا ... ونقضوا ميثاقك المؤكدا

وجعلوا لي في كداء رصدا ... وزعموا أن لست أدعو أحدا

وهم أذل، وأقل عددا ... هم بيتونا بالوتير هجدا

وقتلونا ركعا وسجدا «٣» فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: نصرت يا عمرو بن سالم، ثم عرضت له سحابة من السماء فقال:

إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب.

ثم خرج بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من خزاعة، حتى قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم المدينة، فأخبروه بمن أصيب منهم، وبمظاهرة قريش بني بكر عليهم، ثم رجعوا إلى مكة.

[أبو سفيان يخرج إلى المدينة ليجدد الصلح:]

ولا شك أن ما فعلت قريش وحلفاؤها كان غدرا محضا ونقضا صريحا للميثاق لم يكن له أي


(١) الآتلد: القديم، يشير إلى الحلف الذي كان بين خزاعة وبين بني هاشم منذ عهد عبد المطلب.
(٢) يشير إلى أم عبد مناف- وهي حبى زوجة قصي- كانت من خزاعة.
(٣) يقول: قتلنا وقد أسلمنا.

<<  <   >  >>