للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي المدارك «١» : روي أن النبي صلّى الله عليه وسلم لما فرغ من بيعة الرجال أخذ في بيعة النساء، وهو على الصفا، وعمر قاعد أسفل منه، يبايعهن بأمره، ويبلغهن عنه، فجاءت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان متنكرة خوفا من رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يعرفها، لما صنعت بحمزة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:

أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا، فبايع عمر النساء على أن لا يشركن بالله شيئا. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ولا تسرفن. فقالت هند: إن أبا سفيان رجل شحيح، فإن أنا أصبت من ماله هنات؟ فقال أبو سفيان: وما أصبت فهو لك حلال، فضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعرفها، فقال: وإنك لهند؟ قالت: نعم، فاعف عما سلف يا نبي الله، عفا الله عنك.

فقال: ولا يزنين. فقالت: أو تزني الحرة؟ فقال: ولا يقتلن أولادهن. فقالت: ربيناهم صغارا، وقتلتموهم كبارا، فأنتم وهم أعلم- وكان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قد قتل يوم بدر- فضحك عمر حتى استلقى، فتبسم رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

فقال: ولا يأتين ببهتان. فقالت: والله إن البهتان لأمر قبيح، وما تأمرنا إلا بالرشد ومكارم الأخلاق، فقال: ولا يعصينك في معروف. فقالت: والله ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك.

ولما رجعت جعلت تكسر صنمها وتقول: كنا منك في غرور.

إقامته- صلّى الله عليه وسلم- بمكة، وعمله فيها:

وأقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم بمكة تسعة عشر يوما، يجدد معالم الإسلام، ويرشد الناس إلى الهدى والتقى، وخلال هذه الأيام أمر أبا أسيد الخزاعي، فجدد أنصاب الحرم، وبث سراياه للدعوة إلى الإسلام، ولكسر الأوثان التي كانت حول مكة، فكسرت كلها، ونادى مناديه بمكة: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنما إلا كسره.


(١) انظر مدارك التنزيل للنسفي تفسير آية البيعة.

<<  <   >  >>