للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأوصى بإجازة الوفود بنحو ما كان يجيزهم، أما الثالث فنسيه الراوي، ولعله الوصية بالاعتصام بالكتاب والسنة، أو تنفيذ جيش أسامة، أو هي «الصلاة وما ملكت أيمانكم» .

والنبي صلّى الله عليه وسلم مع ما كان به من شدة المرض كان يصلي بالناس جميع صلواته حتى ذلك اليوم- يوم الخميس قبل الوفاة بأربعة أيام- وقد صلى بالناس ذلك اليوم صلاة المغرب، فقرأ فيها بالمرسلات عرفا «١» .

وعند العشاء زاد ثقل المرض، بحيث لم يستطع الخروج إلى المسجد. قالت عائشة: فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «أصلى الناس» ؟ قلنا: لا يا رسول الله، وهم ينتظرونك. قال: «ضعوا لي ماء في المخضب» . ففعلنا، فاغتسل، فذهب لينوء فأغمي عليه، ثم أفاق، فقال: «أصلى الناس» ؟ - ووقع ثانيا وثالثا ما وقع في المرة الأولى من الاغتسال ثم الإغماء حينما أراد أن ينوء- فأرسل إلى أبي بكر أن يصلي بالناس، فصلى أبو بكر تلك الأيام «٢» ؛ ١٧ صلاة في حياته صلّى الله عليه وسلم.

وراجعت عائشة النبي صلّى الله عليه وسلم ثلاث أو أربع مرات؛ ليصرف الإمامة عن أبي بكر، حتى لا يتشاءم به الناس، فأبي، وقال: «إنكن صواحب يوسف. مروا أبا بكر فليصل بالناس» .

[قبل يوم أو يومين:]

ويوم السبت أو الأحد وجد النبي صلّى الله عليه وسلم في نفسه خفة، فخرج بين رجلين لصلاة الظهر، وأبو بكر يصلي بالناس، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر، فأومأ إليه بأن لا يتأخر، قال:

«أجلساني إلى جنبه، فأجلساه إلى يسار أبي بكر، فكان أبو بكر يقتدي بصلاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ويسمع الناس التكبير «٣» .

[قبل يوم:]

وقبل يوم من الوفاة- يوم الأحد- أعتق النبي صلّى الله عليه وسلم غلمانه، وتصدق بسبعة دنانير كانت عنده، ووهب للمسلمين أسلحته، وفي الليل استعارت عائشة الزيت للمصباح من جارتها،


(١) متفق عليه مشكاة المصابيح ١/ ١٠٢.
(٢) صحيح البخاري ١/ ٩٩.
(٣) صحيح البخاري ١/ ٩٨، ٩٩.

<<  <   >  >>