للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[قريش يهددون أبا طالب:]

جاءت سادات قريش إلى أبي طالب فقالوا له: يا أبا طالب إن لك سنا وشرفا ومنزلة فينا.

وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه، وإنا والله لا نصبر على هذا، من شتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وعيب آلهتنا، حتى تكفه عنا، أو ننازله وإياك في ذلك، حتى يهلك أحدّ الفريقين.

عظم على أبي طالب هذا الوعيد والتهديد الشديد، فبعث إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقال له:

يا ابن أخي إن قومك قد جاؤوني، فقالوا لي كذا وكذا، فأبق عليّ وعلى نفسك، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق، فظن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن عمه خاذله، وأنه ضعف عن نصرته، فقال:

يا عم! والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر- حتى يظهره الله أو أهلك فيه- ما تركته، ثم استعبر وبكى، وقام، فلما ولى ناداه أبو طالب فلما أقبل قال له: اذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيء أبد «١» .

وأنشد:

والله لن يصلوا إليك نجمعهم ... حتى أوسد في التراب دفينا

فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة ... وأبشر وقر بذاك منك عيونا «٢»

[قريش بين يدي أبي طالب مرة أخرى:]

ولما رأت قريش أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم ماض في عمله؛ وعرفت أن أبا طالب قد أبي خذلان رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأنه مجمع لفراقهم وعداوتهم في ذلك، فذهبوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة وقالوا له: يا أبا طالب إن هذا الفتى أنهد فتى في قريش وأجمله، فخذه فلك عقله ونصره، واتخذه ولدا فهو لك، وأسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي خالف دينك ودين آبائك، وفرق جماعة قومك وسفه أحلامهم، فنقتله، فإنما هو رجل برجل، فقال: والله لبئس ما تسومونني، أتعطوني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه. هذا والله ما لا يكون أبدا. فقال المطعم بن


(١) ابن هشام ١/ ٢٦٥، ٢٦٦.
(٢) مختصر سيرة الرسول للشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي ص ٦٨.

<<  <   >  >>