للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أفراد الجيش باتجاه أليس، وجرت المعركة في "٢٣ شعبان ١٣هـ/ ٢٢ تشرين الأول ٦٣٤م"١.

كان انتصار الفرس واضحًا، على الرغم من تكبدهم ستة آلاف قتيل، وخسر المسلمون أربعة آلاف بين قتيل وغريق، وفر ألفان، وصمد ثلاثة آلاف مع المثنى٢.

لم يتعقب بهمن جاذويه المسلمين؛ لأن أخبارًا وصلت إليه عن نشوب ثورة ضد رستم، فآثر العودة إلى المدائن حتى يكون قريبًا من مجرى الأحداث، إلا أنه ترك اثنين من قادته في المنطقة هما جابان، ومردان شاه ليتعقبا المسلمين، والواقع أن المثنى كمن لهما في أليس وأسرهما وقتلهما مع جندهما، وتحصن في هذه المدينة بانتظار جلاء الموقف.

تعقيب على معركة الجسر:

- كانت معركة الجسر أول معركة يخسرها المسلمون أمام الفرس، وتعد تجربة حية في حروبهم لإثبات قيمة كفاءة القيادة، إذ إن الإيمان والجشاعة وحدهما لا يكفيان لتحقيق الانتصار.

- إن الحماس المجرد الذي أبداه أبو عبيد قبل بدء القتال، لا مكان له في المعارك إذ لم تسانده أسس صحيحة، وتخطيط سليم.

- افتقد أبو عبيد إلى عنصر الأمن حين حشره بهمن جاذويه في مكان ضيق، وحرمه من حرية الحركة، والانتشار الضروريين لخوض معركة ناجحة.

- على الرغم من تفوق الفرس في القتال، فإنهم لم يتمكنوا من أسر أحد من المسلمين، مما يدل على أن المقاتل المسلم احتفظ بميزاته في أشد المواقف حرجًا وشدة، وظل يقاتل حتى آخر رمق.

- لا شك بأن ثبات المسلمين في القتال، كان من العوامل التي دفعت الفرس للعودة إلى المدائن، ومنعتهم من مطاردتهم.

- كان لهذه المعركة أن تدور بطريقة أفضل لو أن أبا عبيد استجاب لنصيحة مستشاريه، وتذكر نصائح الخليفة عمر بن الخطاب له.

- أضاعت هذه المعركة مكاسب المعارك السابقة، ولكن إلى حين، وجعلت


١ البلاذري: فتوح البلدان ص٢٥٢، ٢٥٣، تاريخ خليفة بن خياط: ص٦٦. الطبري: ج٣ ص٤٥٤-٤٥٩، كمال: ص٣٩٨، ٣٩٩.
٢ الطبري: ج٣ ص٤٥٥-٤٥٨.

<<  <   >  >>