للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سكان العاصمة، القسطنطينة بالتطوع للقتال، ولم يكتف بذلك، بل كتب إلى رومة عاصمة الإمبراطورية الرومانية الغربية يطلب نجدة عاجلة تساعده على التخلص من موقفه العصيب، إلا أنه واجه عدة صعاب في جمع فلول جيوشه، وتجنيد أعداد من المرتزقة والأرمن، وبعض نصارى العرب في الوقت الذي كان يعاني من نفاد المال، والإرهاق الشديد، بعد الجهد الذي بذله بصورة متواصلة طوال أربعة عشر عامًا منذ خروجه في عام ٦٢٢م من القسطنطينية.

وبعد جهد سريع، استطاع أن يجمع جيشًا يفوق تعداده مائة ألف مقاتل١، وضم:

- وحدات بيزنطية نظامية، وطبيعي أنها تتألف من مقاتلين غير عرب.

- فرقًا من أنطاكية وقنسرين وحلب، وأغلب الظن أنهم من السكان الوطنيين غير العرب، والذين كانوا على النصرانية.

- اثني عشر ألف مقاتل من رجال القبائل العربية المنتصرة المقيمة في بلاد الشام بقيادة الأمير الغساني جبلة بن الأيهم، وبينهم مقاتلين من لخم وجذام، والقين وبلي، وعاملة بالإضافة إلى غسان، وقبائل أخرى من قضاعة، والمعروف أن المعركة وقعت في منطقة كانت تابعة للغساسنة، وأن هؤلاء لم يرضوا عن سيطرة المسلمين عليها، ومن ثم فقد كانوا مشاركين مهمين في المعركة، وعين على هذا الجيش قائدًا أرمينيًا هو باهان كان يدين بالنصرانية، وانخرط في الجيش البيزنطي.

وواضح من كل ما سبق أن الرابطة التي كانت تؤلف بين أفراد هذا الجيش هي:

- الهوية البيزنطية كهوية سياسية.

- النصرانية كانتماء ديني٢.

وأحاط الحملة بهالة من الضخامة والدعاية، مما جعلها تتخذ طابعًا صليبيًا.

وضع هرقل خطته العسكرية على أساس ضرب كل قائد من قادة المسلمين


١ تبالغ روايات المصادر حين تجعل العدد مائتي ألف مقاتل أو يزيد؛ لأنه من الواضح أن أي قوة مقاتلة تضارع هذا الرقم سوف يصبح من العسير قيادتها، وتحريكها في مثل هذا المناخ الحار في ذلك الإقليم مع نقص في الموارد الغذائية، والماء ضمن الوسائل المحدودة المتوفرة في ذلك الوقت، كذلك، فإن مسألة الإحصاءات في التاريخ لا تبعث على الثقة في الغالب، فهي تخضع عادة لتقدير سريع وغير دقيق، انظر: البلاذري: ص١٤٠، الطبري: ج٣ ص٣٩٤، بيضون: ص٦٤.
٢ عاقل، نبيه: موقف سكان بلاد الشام من الفتح الإسلامي، المؤتمر الدولي الرابع لتاريخ بلاد الشام المجلد الثالث ١٩٨٧ ص١٧٠.

<<  <   >  >>