للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأموال على المدينة من الغنائم وغيرها؛ مما أدى إلى بروز مشكلات كثيرة تطلبت حلا، لعل أهمها: إدارة الولايات خارج الجزيرة العربية، استمرار الفتوح أو توقفها ريثما يتم استيعاب ما أنجز منها، توزيع الغنائم على المقاتلين بعد تدفق الأموال الكثيرة، إدارة أراضي الفتح، وغيرها من المشكلات، كتأسيس المدن في بعض الجهات على شكل معسكرات كالكوفة، والبصرة في العراق والفسطاط في مصر، أما اختلاط العنصر العربي بالعنصر الأعجمي، فلم يشكل مشكلة حقيقية، بخاصة بعد إسلام هؤلاء، إلا من حيث اللغة، فرأى عمر أن يقطن العنصر العربي في المعسكرات المنشأة ليحافظ على لغته وعاداته، وكان تدفق الأموال الكثيرة من الغنائم وغيرها قضية جتديدة تطلبت حلًا مرنًا لتصريفها، فأنشأ عمر بيتًا خاصًا للمال الوارد، واختص هو بمسئولية القيام عليه، وتصريفه في وجوهه، ودون الدواوين لذلك، وأمر بإنشاء دواوين في عواصم الولايات، وفرض الأعطيات، فشمل العطاء كل فرد في الدولة ابتداء بقرابة النبي، وأزواجه وانتهاء بكل مسلم، وفرض لكل مولود ولد في الإسلام عطاء، وجعل ذلك كله في ديوان منظم، وحل قضية الأراضي المفتوحة من واقع إبقائها بيد أصحابها المحليين لكنه وضع الخراج عليها ليكون ذلك موردًا ماليًا دائمًا لبيت مال المسلمين، ولما رأى عمر سرعة انتشار الفتوح، قرر التوقف عند حدود معينة ريثما يتم استيعاب ما فتح١.

التقسيم الإداري للدولة:

اتسعت الأراضي الإسلامية في عهد عمر اتساعًا كبيرًا مما اقتضى وضع تنظيم محكم حتى تسهل إدارتها، والإشراف على مواردها، والمعروف أن الخطوة الأولى لنظام الحكم، والتي يتفرع منها جميع التنظيمات هي تقسيم الدولة إلى ولايات أو أقاليم، وعين عمر أميرًا حاكمًا على كل ولاية يتحمل تبعات الحكم، ويكون نائبًا عنه، ويمضي الوقت، أدرك أن الولاة لا يستطيعون القيام بكل الأعباء التي تتطلبها الولاية، ففصل القضاء عن اختصاص الولاة، وعين قاضيًا على تلك

الولايات، وكان يمدهم بتوجيهاته، وخصصهم بالأرزاق، وقد تنقسم الولاية

أحيانًا إلى وحدات محلية تتبع الوالي أو الأمير، كما كان يطلق عليه، وكان نظام الولاية صورة مصغرة في هيكليته لنظام المدينة المنورة المركزي، فإلى جانب الوالي كان القاضي يتمتع بسلطة واسعة، وغالبًا ما كانت له صفة استقلالية، ثم صاحب بيت المال، وصاحب الديوان المسئول.


١ انظر القريشي: ج١ ص٧٩-٨٤.

<<  <   >  >>