للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المباشر عن مرتبات الجند، ولا بد من الإشارة إلى أن حاكم الولاية هو في الوقت نفسه قائد الجيش فيها، وكان يختار أعوانه القادة، ويشارك في الحملات العسكرية أو ينتدب ممثلًا عنه، وذلك بالتنسيق مع الحكومة المركزية في المدينة المنورة١.

أقر عمر النظم الفارسية في ما يختص بالتقسيمات الإدارية في العراق وفارس، فأبقى عليها، وكانت هذه التقسيمات تعرف بالرساتيق٢، والواقع أن الأراضي الفارسية كانت تنقسم إلى ثلاثة أقاليم كبيرة باستثناء العراق هي: خراسان وأذربيجان وفارس، ثم قسم العراق إلى مصرين أي ولايتين كبيرتين هما الكوفة، والبصرة بعد تأسيسهما، كما أبقى على التقسيمات البيزنطية في بلاد الشام، وكانت تسمى نظام البنود٣، وطبقه في بعض النواحي التي لم يكن موجودًا فيها من قبل، وعرف هذا النظام باسم الأجناد، كما أبقى على ما كان في مصر من نظام الكور٤، أما الجزيرة العربية وبخاصة الحجاز ونجد، فقد بقيت على ما كانت عليه، ولم يدخل عليها أي تقسيم جديد، ولعل مرد ذلك يعود إلى قربها من عاصمة الدولة.

ويبدو أن عمر تصرف أحيانًا في التقسيم القديم، فكانت فلسطين تعد منذ العهد البيزنطي إقليمًا واحدًا، وتضم عشر محافظات، وفي عام "١٥هـ/ ٦٣٦م"، قسمها عمر إلى نصفين، وجعل عاصمة إحداهما إيلياء والثاني الرملة، وولى علقمة بن محرز على الأولى، وعلقمة بن حكيم على الثانية٥، أما مصر فلا نعلم يقينًا كيف كان تقسيمها قبل الفتح، لكن عمر قسمها إلى ولايتين المنطقة العليا، وهي الصعيد وتضم ثماني وعشرين محافظة، واستعمل عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح، والمنطقة السفلى، وتضم خمس عشرة محافظة، وولى عليها حاكمًا آخر، وكان عمرو بن العاص الحاكم العام على مصر، ويذكر ابن عبد الحكم أنه عندما توفي عمر كان على مصر أميران: عمرو بن العاص بأسفل الأرض، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح على الصعيد٦.

ولنأخذ التقسيم الإداري لبلاد الشام كنموذج يمكن تطبيقه على سائر الولايات مع


١ بيضون: ٩٦.
٢ الرساتيق جمع رستاق، وهي مشتقة من اللفظ الفارسي روستا بمعنى حي أو قرية.
٣ نظام البنود البيزنطية، أو ما يسمى Them، وتعني فرقة من الجيش تعسكر في إقليم، ولم يتسع معناها للدلالة على الأقاليم نفسها إلا في وقت متأخر، انظر: رنسيمان، ستيفن: الحضارة البيزنطية ص٩٧.
ترجمة عبد العزيز جاويد مكتبة النهضة المصرية ١٩٦١.
٤ نظام الكور، مفردها كورة، وهي لفظة يونانية. curia ومعناها المركز.
٥ الطبري: ج٣ ص٦١٠.
٦ فتوح مصر وأخبارها ص٢٩٨.

<<  <   >  >>