للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المأكل والمشرب، ومنعهم أيضًا من إغلاق بابهم دون حوائج الناس، واتخاذ حاجب يكون حاجزًا بينهم، وبين الرعية بحجبهم متى شاء، ويدخلهم متى شاء، وقد يميل الوالي إلى الدعة ويعتاد على حجب الناس مما قد يؤدي إلى حرمان

هؤلاء من الاستفادة من الوقت، والشعور بقرب الحاكم، وتفهمه لقضاياهم١.

- نهى عماله عن ممارسة أي عمل آخر، والتفرغ فقط لشئون الحكم، وذلك حتى لا يشغله العمل الخاص عن عمله العام مما يعد خسارة على الوالي والمجتمع، وكان حريصًا على إغنائهم عن العمل الخاص.

تعيين مراقب على عمل الولاة:

نتيجة لاتساع رقعة الدولة الإسلامية في عهد عمر وازدياد عدد ولاياتها، أضحى من الصعب الإحاطة بكل ما يجري في كل ولاية، ولما كان عمر حريصًا على أن يقف على دقائق الأمور في تصرف ولاته، وما كان يجري في كل ولاية؛ اختار رجلًا من خيرة رجاله تقوى وقوى، وأمانة وسنا وتجربة، هو محمد بن مسلمة الأنصاري ليكون مراقبه الخاص على العمال، وأعمالهم والنظر في الشكاوي المرفوعة لهم، ويذكر أبو يوسف: "فدعا، أي عمر، محمدًا بن مسلمة، وكان رسوله إلى العمال، فبعثه وقال: إئتيني به، أي بوالي الذي خالف الشروط، وهو عياض بن غنم، على الحال الذي تجده عليها، قال: فأتاه فوجد على بابه حاجبًا، فإذا عليه قميص رقيق، قال: أجب أمير المؤمنين، قال: دعني أطرح على قبائي، قال: لا إلا على حالك هذه فقدم به عليه، أي على عمر في المدينة"٢.

محاسبة الوالي:

كان عمر يحاسب عماله عن أخطائهم، وبخاصة تلك التصرفات التي تدل على الفخر، والتميز والتعالي وهدر الأموال العامة، وهذا الموقف، نابع من واقع موقفه من الأمة الإسلامية حيث كانت الأمة في نظره، أي جماعة المسلمين، متساوين في الحقوق والواجبات، فإذا برزت مؤشرات تدل على سوء تصرف الوالي، يستدعيه إلى المدينة مثلما حدث مع أبي موسى الأشعري حاكم البصرة عندما رفعت شكوى ضده، فاستدعاه عمر وحقق معه بنفسه٣، وكان يحصي وضع العامل المالي وقت إرساله، ثم يشاطره ماله وقت عزله إذا زاد رأس ماله بشكل يثير الشبهة، وكان يقول لعماله: "نحن


١ أبو يوسف: ص١١٦.
٢ المصدر نفسه.
٣ الطبري: ج٤ ص١٨٤، ١٨٥.

<<  <   >  >>