للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأن الهزيمة ستحل بقواته من واقع أن المسلمين أكثر ثباتًا في قتال من هذا النوع، استغل المسلمون تضعضع القوة الميدانية للبحرية البيزنطية، والفوضى التي بدت في صفوف البيزنطيين حيث كانوا "يقاتلون على غير صفوف"، فوثبوا إلى السفن البيزنطية، وقاتلوا البيزنطيين قتالًا شديدًا، وانتصروا عليهم، وأصيب الإمبراطور بجراح، وفر من مكان المعركة١.

أما تسمية المعركة بذات الصواري، فتعود على الأرجح إلى كثرة عدد صواري السفن التي اشتركت في المعركة، على الرغم مما يستدل من رواية الطبري بأن ذات الصواري اسم للمكان الذي جرت فيه المعركة٢.

نتائج معركة ذات الصواري:

- أكد هذا الانتصار قوة المسلمين البحرية النامية، وقارن المؤرخون بينها وبين معركة اليرموك البرية.

- تعد هذه المعركة من المعارك الحاسمة في التاريخ الوسيط؛ لأنها حولت العلاقات الإسلامية -البيزنطية نحو اتجاه جديد في الحوض الشرقي للبحر المتوسط، إذ إنها عدت المدخل الذي أطل منه المسلمون على العالم الوسيط كقوة بحرية منافسة في المنطقة.

- تخلي الإمبراطور البيزنطي قنسطانز، ومن جاء بعده من الأباطرة، عن فكرة طرد المسلمين من الأراضي التي فتحوها في شرقي البحر المتوسط، والاكتفاء بتأمين الدفاع عن الأراضي البيزنطية في الجبهة الجنوبية من آسيا الصغرى.

- أفاد هذا التغيير في الخطط العسكرية البيزنطية الدولة الإسلامية في وقت دخلت فيه في دور من القلق، والنزاع الداخلي بسبب مقتل عثمان، والحرب الأهلية بين علي ومعاوية، حيث ساد الهدوء العلاقات العسكرية بين الجانبين.

- أضاعت هذه المعركة آخر فرص البيزنطيين لاستعادة مواقعهم في بلاد الشام، ومصر حيث كان اعتمادهم على التفوق البحري.


١ الطبري: ج٤ ص٢٩١، ٢٩٢.
٢ تدمري: تاريخ لبنان ص٦٩.

<<  <   >  >>