للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القضاء على ردة بني حنيفة]

الزحف نحو اليمامة:

عاد خالد من المدينة إلى البطاح بعد أن كلفه أبو بكر بقتال مسيلمة في اليمامة، وزوده بقوة عسكرية إضافية ضمت جماعة من المهاجرين، وممن شهد بدرًا والقراء، فبلغ عديد جيشه، ما بين عشرة آلاف إلى اثني عشر ألف مقاتل، كما زوده بتعليمات سياسية، وعسكرية محددة تنم عن وعي كامل لرجل دولة يواجه تحديات كبرى١.

والواقع أن المسلمين لم يواجهوا أي قتال ضار خلال القضاء على المرتدين قبل اليمامة، حيث كانت القبائل التي هاجمت المدينة عقب وفاة النبي، وبيعة أبي بكر، لا يدعي أحد من أفرادها النبوة، ولا تطمع في شيء إلا أن تعفى من الزكاة، وتضاءلت قوة طليحة بعد انقضاض القبائل عنه، ولم تكن أم زمل بقادرة على خوض معركة ناجحة بمن اجتمع حولها من فلول تلك القبائل، وكان بنو تميم على خلاف داخلي، في الوقت الذي وهنت سجاح من قوة مالك بن نويرة، فمل يكن بينه، وبين خالد قتال.

أما الوضع في اليمامة، فكان مختلفًا، فقد أنكر بنو حنيفة نبوة محمد، ووضعوا أنفسهم بمصاف قريش، فلها نبي ورسول ولهم نبي ورسول، كما كان لهم مكانة بين العرب تضارع مكانة قريش، وفيهم من الجند الشجعان أضعاف جند قريش، وهم إلى ذلك كتلة متراصة لا يفت في عضدهم خلاف، ولا يضعضع من عزمهم تنافس، وليس بينهم تفاوت في العقيدة والجنس، فكانوا أولي بأس شديد، كما انتصروا على جيشين إسلاميين أرسلهما أبو بكر لإخضاعهم، الأول بقيادة عكرمة بن أبي جهل، والثاني بقيادة شرحبيل بن حسنة٢.


١ انظر: ابن أعثم، ج١ ص٢٨، ٢٩.
٢ الطبري: ج٣ ص٢٨١.

<<  <   >  >>