للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مفارقتهم للدنيا فريسة الشياطين المفسدين، والدجّالين المضلّلين من عبّاد الأوثان ودعاة الجاهليّة.

وتمنّى أن يكون أولاده وأولاد أولاده على اتصال دائم بدعوته وجهاده، يذكرون قصّة محاربته للوثنيّة، وخلعه للأوثان، وتحطيمه لها، ومصارمته للوالد السّادن لبيت الأصنام، وفراقه للأهل والوطن، وأن يذكروا سرّ اختيار هذا المكان القاحل، الذي لا يصلح للزّرع، وازدهار المدنية، ويعرفوا سرّ إيثاره على المدن الكبيرة، والأمكنة الصالحة للفلاحة والتجارة، وأسباب العيش، وأن يعوّض عن ذلك بأن يعطف عليهم القلوب، ويهوي إليهم الأفئدة، ويسوق إليهم الرزق الكريم، ويجبي إليهم ثمرات كلّ شيء:

وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ (٣٥) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٦) رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ [إبراهيم: ٣٥- ٣٧]

[قبيلة قريش:]

وتحقّق كلّ ذلك، فبارك الله في ذرّيتهما، وتوسّعت الأسرة الإبراهيمية العربية، فقد صاهر إسماعيل جرهم «١» - وكانوا من العرب العاربة- وبارك الله في ذريّة إسماعيل، حتى كان منه عدنان، وتناقلت العرب العدنانية أنسابها، وهي أكثر الأنساب العربية صحة وحفظا وتداولا.


(١) قيل: إنّ جرهم كانت أولى القبائل العربية التي أقامت بمكة، وقد استهواها المقام هناك لوجود ماء لا ينقطع، وجاء في بعض الروايات أنّها كانت هناك قبل أن يترك إبراهيم زوجه هاجر وابنه إسماعيل في هذا الوادي.

<<  <   >  >>