للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحملها، لا تصيب منهم أحدا إلا هلك، وخرج أهل الحبشة هاربين يبتدرون الطريق الذي منه جاؤوا، وخرجوا يتساقطون بكلّ طريق، وأصيب أبرهة في جسده، وخرجوا به معهم، تسقط أنامله، أنملة أنملة، حتّى قدموا به «صنعاء» فمات شرّ ميتة «١» .

وذلك ما حكاه القرآن، يقول:

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (١) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (٣) «٢» تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤) «٣» فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ [الفيل: ١- ٥] .

[وقع حادثة الفيل ودلالتها:]

فلمّا ردّ الله الحبشة من مكة، وأصابهم ما أصاب، أعظمت العرب قريشا، وقالوا: هم أهل الله، قاتل الله عنهم وكفاهم العدوّ، وازدادوا تعظيما للبيت، وإيمانا مكانته عند الله «٤» .

وكان ذلك آية من الله، ومقدّمة لبعثة نبيّ يبعث في مكّة، ويطهّر الكعبة من الأوثان، ويعيد إليها ما كان لها من رفعة وشأن، وتكون لدينه صلة عميقة دائمة بهذا البيت، ودلّ هذا الحادث على قرب ظهور هذا النبيّ وبعثته.

واستعظم العرب هذا الحادث، وكان جديرا بذلك، فأرّخوا به، وقالوا وقع هذا في عام الفيل، وولد فلان في عام الفيل، ووقع هذا بعد عام الفيل


(١) اقرأ لتفصيل حادثة الفيل، «سيرة ابن هشام» ج ١ ص ٤٣- ٥٧.
(٢) الأبابيل: الجماعات.
(٣) السجيل: الشديد الصلب.
(٤) سيرة ابن هشام: ج ١، ص ٥٧.

<<  <   >  >>