للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غمامة تظلّله كيف يتصوّر أن يميل فيء الشجرة؟ لأنّ ظلّ الغمامة يعدم فيء الشجرة التي نزل تحتها، ولم نر النبيّ صلى الله عليه وسلم ذكر أبا طالب قطّ بقول الراهب، ولا تذاكرته قريش، ولا حكته أولئك الأشياخ مع توفّر هممهم ودواعيهم على حكاية مثل ذلك «١» .

مثال غريب من التعصّب الدينيّ

والإمعان في الافتراض والتخمين:

وانتهز المستشرقون والمغرضون هذه الفرصة- وهي لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بحبر من أحبار النصارى، شخصيته ومكانته في العالم مجهولتان- فصنعوا من الحبّة قبة، وأسّسوا عليها بناء شامخا، من تلقّي رسول الله صلى الله عليه وسلم لتعاليم التوحيد النقية من عالم نصرانيّ.

وأغرب من هذا أنّ) Carra De vaux (الفرنسي ألّف كتابا مستقلا في هذا الموضوع، أسماه «مؤلف القرآن» حاول أن يثبت فيه أنّ «بحيرى» لقّن محمدا صلى الله عليه وسلم القرآن كلّه، في هذا اللقاء القصير.

هذا- إن صحّت الرواية- لا يقوله عاقل رزق من سلامة العقل والإنصاف ذرّة، فكيف يعقل أنّ غلاما لا يجاوز عمره تسع سنوات- على الأصحّ- واثني عشر عاما- على الأكثر- تلقّى من شيخ لا يعرف لغته، ولم يجلس إليه إلّا ما يستغرقه وقت الجلوس على مائدة، المسائل الدقيقة والتفاصيل العميقة في نقد عقيدة الشرك والمسيحية الممسوخة في القرن السادس المسيحيّ، التي لم يهتد إليها كبار النقّاد، والمصلحين في المذهب البروتستانتي وكبار


(١) السيرة النبوية: للذهبي (طبع دار الكتب العلمية ص ٢٨- ٢٩) . وهي مستقاة من كتاب «تاريخ الإسلام» للحافظ الذهبي.

<<  <   >  >>