للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تجعله لهم، وكانت قريش قوما تجّارا، وقد كانت اختبرت صدق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكرم أخلاقه، ونصيحته، حين خرج في مال لها إلى الشّام تاجرا، وبلغها من كبر شأنه في هذه الرّحلة، فعرضت عليه نفسها، وكانت قد رفضت طلب كثير من أشراف قريش، وخطبها إليه عمّه حمزة، وخطب أبو طالب الخطبة، فكان الزواج «١» .

وكانت أوّل امرأة تزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم «٢» وولدت له ولده كلّهم إلا إبراهيم «٣» .

[قصة بنيان الكعبة ودرء فتنة عظيمة:]

ولمّا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين سنة، اجتمعت قريش لبنيان الكعبة، وقد أرادوا ذلك ليسقفوها، وكانت حجارة بعضها على بعض، من غير طين يركب بعضها على بعض، وكانت فوق القامة، وكان لا بدّ من هدم وبناء جديد «٤» .

فلمّا بلغ البنيان موضع الركن، اختصموا في الحجر الأسود، كلّ قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الآخرى، وكلّ قبيلة تريد أن يكون لها هذا


(١) سيرة ابن هشام: ج ١، ص ١٨٩- ١٩٠.
(٢) [أخرج أحمد قصّة زواجه صلى الله عليه وسلم من خديجة رضي الله عنها في المسند: (١/ ٣١٢) ؛ والطبرانيّ في المعجم الكبير، برقم (١٢٨٣٨) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وقال الهيثمي في المجمع (٩/ ٢٢٠) : رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد والطبراني رجال الصحيح، وقال أحمد شاكر: إسناده فيه نظر.] .
(٣) سيرة ابن هشام: ج ١، ص ١٩٠، وكتب السّير الآخرى.
(٤) قال موسى بن عقبة: وإنما حمل قريشا على بنائها أن السيل كان أتى من فوق الردم الذي صنعوه فأخربه فخافوا أن يدخلها الماء، وكان رجل يقال له مليح سرق طيب الكعبة فأرادوا أن يشيدوا بنيانها وأن يرفعوا بابها حتى لا يدخل إلا من شاؤوا. (اقرأ التفصيل في «عيون الأثر» لابن سيد الناس، ج ١، ص ٥٢) .

<<  <   >  >>