للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاء عتبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس إليه، وقال: يابن أخي! إنّك منّا حيث قد علمت، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت به جماعتهم، وسفهت به أحلامهم، وعبت به آلهتهم ودينهم، وكفرت به من مضى من آبائهم، فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها، لعلّك تقبل منها بعضها.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قل يا أبا الوليد! أسمع» .

قال: يابن أخي! إن كنت إنّما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا، جمعنا لك من أموالنا حتّى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تريد شرفا، سوّدناك علينا، حتّى لا نقطع أمرا دونك، وإن كنت تريد ملكا ملّكناك علينا، وإن كان الذي يأتيك رئيّا «١» تراه، لا تستطيع ردّه عن نفسك، طلبنا لك أطباء، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرّئك منه.

فلمّا فرغ عتبة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقد فرغت يا أبا الوليد؟» .

قال: نعم.

قال: فاسمع منّي.

قال: أفعل.

فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم آيات من سورة فُصِّلَتْ إلى السجدة، فلمّا سمع منه عتبة، أنصت لها، وألقى يديه خلف ظهره، معتمدا عليهما، يسمع منه، فلمّا انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة منها، سجد، ثمّ قال: قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك.

فقام عتبة إلى أصحابه، فقال بعضهم لبعض: نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به، فلمّا جلس إليهم، قالوا: ما وراءك


(١) رئيا: ما يتراءى للإنسان من الجن.

<<  <   >  >>