للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشمولها للطبقات والمستويات في المجتمع المكيّ، ففيها الغنيّ والفقير، والكهل والشّابّ، والرجال والنساء، وينتمي أغلبهم إلى أسر مكيّة عريقة، فدلّ على شدّة تأثير الدعوة وقوتها وشمولها.

تعقّب قريش للمسلمين:

ولمّا رأت قريش أنّ هؤلاء قد أمنوا واطمأنّوا بأرض الحبشة، بعثوا عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص بن وائل، وجمعوا لهما هدايا للنجاشيّ ولبطارقته «١» ، مما يستطرف من متاع مكّة، وقدما على النجاشيّ، وقد استمالا البطارقة، وأرضياهم بهداياهم، وتكلّما في مجلس الملك، فقالا: إنّه لجأ إلى بلد الملك منّا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينكم، وجاؤوا بدين مبتدع، لا نعرفه نحن ولا أنتم، وقد بعثنا إليك أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردّهم إليهم، فهم أبصر بهم وأقرب إليهم، وقالت البطارقة حوله: صدقا أيّها الملك، فأسلمهم إليهما.

فغضب النّجاشيّ، وأبى أن يقبل كلامهم، ويسلم من لجأ إليه وإلى بلاده، وحلف بالله، وأرسل إلى المسلمين، فدعاهم، ودعا أساقفته «٢» ، وقال للمسلمين: ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم؟ ولم تدخلوا في ديني ودين أحد من هذه الملل؟.

[تصوير جعفر بن أبي طالب للجاهلية وتعريفه بالإسلام:]

وقام جعفر بن أبي طالب- وهو ابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له:


(١) البطارقة: جمع بطريق، وهو القائد الحاذق بالحرب.
(٢) الأساقفة: علماء النصارى؛ والواحد: الأسقف.

<<  <   >  >>