للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طالب، فدخلوا معه في شعبه «١» ، وذلك في محرّم سنة سبع من النبوّة.

وخرج من بني هاشم أبو لهب بن عبد المطّلب، وكان مع قريش.

وأقام بنو هاشم على ذلك حتّى جهدوا من ضيق الحصار، وأكلوا ورق السّمر «٢» ، وأطفالهم يتضاغون من الجوع، حتّى يسمع بكاؤهم من بعيد، وقريش تحول بينهم وبين التجار، فيزيدون عليهم في السّلعة أضعافا، حتّى لا يشتروها.

ومكثوا على ذلك نحو ثلاث سنوات «٣» ، لا يصل إليهم شيء إلا سرّا، ممن أراد صلتهم من قريش، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك يدعو قومه ليلا ونهارا، وسرّا وجهارا، وبنو هاشم صابرون محتسبون.

[نقض الصحيفة وإنهاء المقاطعة:]

وقام نفر من قريش، من أهل المروءة والضّمائر، في مقدّمتهم هشام بن عمرو بن ربيعة، فكرهوا هذا التعاقد الظالم، وعافته نفوسهم، وكان هشام رجلا واصلا، وكان ذا شرف في قومه، فمشى إلى رجال من قريش، أنس فيهم الرقة والرجولة، فاستثار حميتهم وإنسانيتهم لنقض الصحيفة والخروج من هذا التعاقد الظالم، ولمّا كانوا خمسة اجتمعوا وتعاقدوا على نقض الصحيفة.

فلمّا كانت قريش في أنديتها من غد، قام زهير بن أبي أميّة، وكانت أمّه «عاتكة» بنت عبد المطلب، وأقبل على الناس، قال: يا أهل مكّة! أنأكل


(١) سيرة ابن هشام: ج ١؛ ص ٣٥٠- ٣٥١.
(٢) [السّمر: ضرب من شجر الطّلح] .
(٣) فتح الباري: ٧/ ٣٧٣- ٣٧٧.

<<  <   >  >>