للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدقّ لحظة مرّت بها الإنسانيّة:

واقتفى المشركون أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت أدقّ لحظة مرّت بها الإنسانيّة في رحلتها الطويلة، وكانت لحظة حاسمة، فإمّا امتداد شقاء لا نهاية له، وإمّا افتتاح سعادة لا آخر لها، وقد حبست الإنسانية أنفاسها، ووقفت خاشعة حين وصل الباحثون إلى فم الغار، ولم يبق بينهم وبين العثور على منشودهم إلا أن ينظر أحدهم إلى تحت قدميه.

ولكنّ الله حال بينهم وبين ذلك، فاختلط عليهم الأمر، ورأوا على باب الغار نسج العنكبوت «١» ، وإلى ذلك أشار الله تعالى بقوله: فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها [التوبة: ٤٠] .

لا تحزن إنّ الله معنا:

وبينما هما في الغار، إذ رأى أبو بكر آثار المشركين، فقال:

يا رسول الله! لو أنّ أحدهم رفع قدمه، رآنا. قال: ما ظنّك باثنين الله ثالثهما «٢» ؟ وفي ذلك يقول الله تعالى:

ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا [التوبة: ٤٠] .


(١) [أخرجه أحمد في مسنده (١/ ٣٤٨) ، وعبد الرزاق في مصنّفه (٥/ ٣٨٩) برقم (٩٧٤٣) ، والطبراني في الكبير برقم (١٢١٥٥) ، وذكره الحافظ ابن حجر في الفتح (٧/ ٢٣٦) وقال: سنده حسن، وحسّن إسناده أيضا ابن كثير في السيرة (٢/ ٢٣٩) ] .
(٢) أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب قوله تعالى: ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ [برقم (٣٦٥٣) ، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، برقم (٢٣٨١) ، وأحمد في المسند (١/ ٤) من حديث أبي بكر رضي الله عنه] .

<<  <   >  >>