للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى الكعبة، وكان المسلمون العرب- وقد رضعوا لبان حبّ الكعبة وتعظيمها، وامتزج ذلك بلحومهم ودمائهم- لا يعدلون بالكعبة بيتا، ولا بقبلة إبراهيم وإسماعيل قبلة، وكانوا يحبّون أن يصرفوا إلى الكعبة، وكان في جعل القبلة إلى بيت المقدس محنة للمسلمين، ولكنّهم قالوا: «سمعنا وأطعنا» وقالوا: «آمنّا به كلّ من عند ربنا» فلم يكونوا يعرفون إلا الطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والخضوع لأوامر الله، وافقت هواهم أم لم توافقها، واتفقت مع عاداتهم أم لم تتّفق.

فلما امتحن الله قلوبهم للتقوى واستسلامهم لأمر الله، صرف رسوله والمسلمين إلى الكعبة «١» ؛ يقول القرآن:

وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ [البقرة: ١٤٣] .

وانصرف المسلمون إلى الكعبة مطيعين لله ولرسوله، وصارت قبلة المسلمين إلى يوم القيامة أينما كانوا ولّوا وجوههم شطرها «٢» .


(١) وكان تحويل القبلة في سنة اثنتين من الهجرة.
(٢) راجع الصحاح الستة، وتفسير الآيات في تحويل القبلة في كتب التفسير [انظر الأحاديث في تحويل القبلة، أخرجها البخاري في كتاب الإيمان، باب الصلاة من الإيمان، برقم (٤٠) ، وفي كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة..، برقم (٣٩٩) ، وفي كتاب التفسير، باب قوله تعالى: * سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ.. برقم (٤٤٨٦) ، وباب وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها، برقم (٤٤٩٢) ، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة، برقم (٥٢٥) ، والترمذي في أبواب تفسير القرآن، في تفسير سورة البقرة، برقم (٢٩٦٢) وقال: حسن صحيح، وابن ماجه في أبواب إقامة الصلوات، باب القبلة، برقم (١٠١٠) ، وأحمد (٤/ ٢٧٤) ، كلهم من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه] .

<<  <   >  >>