للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى يسير يومين ثمّ ينظر فيه، فيمضي لما أمره به، ولا يستكره من أصحابه أحدا.

ولمّا سار عبد الله بن جحش يومين فتح الكتاب، فنظر فيه، فإذا فيه: إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتّى تنزل نخلة بين مكة والطائف، فترصد بها قريشا، وتعلم لنا من أخبارهم، فلمّا نظر عبد الله بن جحش في الكتاب قال:

سمعا وطاعة، ثمّ قال لأصحابه: قد أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أمضي إلى نخلة أرصد بها قريشا، حتّى آتيه منهم بخبر، وقد نهاني أن أستكره أحدا منكم، فمن كان منكم يريد الشهادة، ويرغب فيها، فلينطلق، ومن كره ذلك فليرجع، فأمّا أنا فماض لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فمضى ومضى معه أصحابه، لم يتخلّف عنه منهم أحد.

ومضى عبد الله بن جحش وأصحابه حتّى نزلوا بنخلة، فمرّت بهم عير لقريش، فيها عمرو بن الحضرميّ، فلما رآهم القوم، هابوهم، وقد نزلوا قريبا منهم، فأشرف لهم عكاشة بن محصن وكان قد حلق رأسه، فلمّا رأوه أمنوا، وقال: عمّار «١» لا بأس عليكم منهم، وتشاور القوم فيهم، وذلك في آخر يوم من رجب «٢» فقال المسلمون: والله لئن تركتم القوم هذه الليلة


(١) كتب المغازي والسير، وذهب أكثر المفسّرين إلى أنّ هذه السرية كانت في جمادى الآخرة وكان حادث قتل عمرو بن الحضرمي حدث سلخ هذا الشهر.
(٢) رجب أول الأشهر الحرم الأربعة، وكان القتال ممنوعا في الشهر الحرام، درج العرب على ذلك في الجاهلية وفي صدر الإسلام، وكان القوم يعرفون ذلك، والأشهر الثلاثة الباقية: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم. ذهب الجمهور إلى أن الآية منسوخة نسختها آية براءة فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [التوبة: ٥] وقوله تعالى: وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً [التوبة: ٣٦] . سئل سعيد بن المسيب: هل يصلح للمسلمين أن يقاتلوا الكفار في الشهر الحرام؟ قال: نعم، ولم نقرأ في كتاب من كتب التاريخ والفتوح أن إعلانا صدر من-

<<  <   >  >>