للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وانتهى أنس بن النّضر إلى رجال من المهاجرين والأنصار، وقد ألقوا بأيديهم، فقال: ما يجلسكم؟

قالوا: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: فماذا تصنعون بالحياة بعده؟، قوموا وموتوا على ما مات عليه رسول الله، ثمّ استقبل القوم، فقاتل حتى قتل.

يقول أنس رضي الله عنه: لقد وجدنا به يومئذ سبعين ضربة، فما عرفه إلا أخته، عرفته ببنانه «١» .

وقاتل زياد بن السّكن في خمسة من الأنصار دون رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتلون دونه رجلا ثم رجلا، فقاتل زياد حتّى أثبتته الجراحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«أدنوه منّي» فأدنوه، فوسّده قدمه، فمات وخدّه على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم «٢» .

وكان عمرو بن الجموح أعرج شديد العرج، وكان له أربعة أبناء شباب، يغزون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمّا توجّه إلى أحد أراد أن يخرج معه، فقال له بنوه: إنّ الله قد جعل لك رخصة، فلو قعدت ونحن نكفيك، وقد وضع الله عنك الجهاد.

وأتى عمرو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنّ بنيّ هؤلاء يمنعوني أن أخرج معك، وو الله إنّي لأرجو أن أستشهد، فأطأ بعرجتي هذه في الجنّة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمّا أنت فقد وضع الله عنك الجهاد، وقال لبنيه: وما عليكم أن تدعوه، لعلّ الله يرزقه الشهادة، فخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل يوم أحد شهيدا «٣» .


(١) سيرة ابن هشام: ج ٢، ص ٨٢.
(٢) المصدر السابق: ج ٢، ص ٨١.
(٣) زاد المعاد: ج ١، ص ٣٥٣.

<<  <   >  >>