للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحبّ إلى النفس من النفس:

وفي سنة ثلاث للهجرة طلبت «عضل» «و «القارة» نفرا من المسلمين، ليعلّموهم، فبعث معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة من أصحابه، معهم عاصم بن ثابت، وخبيب بن عديّ، وزيد بن الدّثنة، حتّى إذا كانوا على «الرّجيع» وهو موضع بين «عسفان» ومكة، غدروا بهم، قالوا: لكم عهد الله وميثاقه ألّا نقتلكم، فقال بعض المسلمين: لا نقبل من مشرك عهدا ولا عقدا، وقاتلوا القوم حتّى قتلوا.

وأمّا زيد بن الدّثنة، وخبيب بن عديّ، وعبد الله بن طارق، فأعطوا بأيديهم، فأسرهم المشركون، وقتل عبد الله بن طارق في الطريق، وأمّا خبيب وزيد، فباعوهما من قريش، وابتاع خبيبا حجير بن أبي إهاب، ليقتله بأبيه إهاب، وأمّا زيد بن الدثنة فابتاعه صفوان بن أمية ليقتله بأبيه أمية بن خلف.

وأخرجوا زيدا من الحرم ليقتلوه، واجتمع رهط من قريش، فيهم أبو سفيان بن حرب، فقال له أبو سفيان: أنشدك الله يا زيد! أتحبّ أنّ محمدا عندنا الآن في مكانك وأنّك في أهلك، قال: ما أحبّ أنّ محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، وأنّي جالس في أهلي «١» ، قال أبو سفيان: ما رأيت من النّاس أحدا يحبّ أحدا كحبّ أصحاب محمد محمدا، ثمّ قتل «٢» .

وأمّا خبيب، فلمّا جاؤوا به ليصلبوه، قال لهم: إن رأيتم أن تدعوني


(١) ذكره عروة وموسى بن عقبة في قصة خبيب (ابن كثير: ج ٣، ص ١٣١) .
(٢) رواية ابن إسحاق (ابن هشام: ج ٢، ص ١٧٢) .

<<  <   >  >>