للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المقدّس، الذي أخذه الفرس، وليفي بنذره، فكان الناس يبسطون له البسط ليمشي عليها، وينثرون عليه الرياحين «١» ، إبداء لسرورهم وإجلالهم، وأقيم احتفال كبير بمناسبة عودة الصليب المقدّس إلى مكانه، وإظهارا للسّرور بالفتح العظيم في القدس، وهنا وصله كتاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم يدعوه فيه إلى الإسلام «٢» .

وعاد هرقل إلى ما كان عليه من دعة وترف، حتّى واجه الزحف الإسلاميّ الذي أدّى إلى زوال ملكه، وانتهاء الحكم البيزنطيّ من آسيا وإفريقية وانحصاره في أوربة وآسيا الصغرى، وعلى كلّ فإنّه كان من كبار ملوك العالم في عصره، لا ينافسه في اتساع المملكة، والقوة الحربية، وزهوّ المدنية، إلا الإمبراطور الإيرانيّ خسرو الثاني، ومات سنة ٦٤١ م في القسطنطينية، ودفن فيها.

كسرى أبرويز (خسرو أبرويز الثاني) (٩٥٠- ٦٢٨) :

كان ابن هرمز الرابع، وحفيد خسرو الأول المعروف ب «أنوشيروان» العادل، يسمّيه العرب «كسرى أبرويز» جرى تتويجه على أثر قتل والده في سنة ٥٩٠ م، وثار عليه بهرام جوبين، وانهزم أبرويز فخرج من المملكة السّاسانية، والتجأ إلى الإمبراطور البيزنطيّ موريقس) Maurice (واستعان به


- الروم في بضع سنين (والبضع مدة دون العشرة) .
(١) فتح الباري: ج ١، ص ٣١.
(٢) وقد كان سبب تأخّر الكتاب النبوي إلى هرقل- بخلاف كسرى الذي وصله الكتاب قبل ذلك- أولا: أن الكتاب دفع إلى عظيم «بصرى» ليقدمه إلى قيصر، ولعله لم يتمكن من تسليمه إياه لانشغال قيصر بالحرب، وبعده عن عاصمته، وثانيا: أن المراجع الغربية تذكر أن هرقل قد اضطر إلى التوجه إلى أرمينيا في سنة ٦٢٨ م لقمع ثورة أو غرض آخر، فلم يتمكن من الوفاء بنذره إلا في سنة ٦٢٩ م.

<<  <   >  >>