للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[شرط البقاء في خيبر:]

وافتتحت الحصون، حصن بعد حصن، بعد قتال وحصار، دام أياما، حتّى سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلح، وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم منها، فقالوا: يا محمّد! دعنا نكون في هذه الأرض نصلحها، ونقوم عليها، فنحن أعلم بها منكم، ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لأصحابه غلمان يقومون عليها، وكانوا لا يفرغون يقومون عليها، فأعطاهم خيبر على أنّ لهم الشطر من كلّ زرع وثمر، ما بدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرّهم «١» وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث إليهم عبد الله بن رواحة، فيخرص عليهم، ويجعل ذلك نصفين، فيخيّرهم أن يأخذوا أيهما شاؤوا، فيقولون: بهذا قامت السموات والأرض «٢» .

[روح التسامح الديني:]

وكان من بين المغانم التي غنمها المسلمون في غزوة خيبر صحائف متعدّدة من التوراة، فلمّا جاء اليهود يطلبونها أمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم بتسليمها لهم «٣» ، ويقول الدكتور إسرائيل ولفنسون معلّقا على هذه القصّة:

«ويدلّ هذا على ما كان لهذه الصحائف في نفس الرسول من المكانة العالية مما جعل اليهود يشيرون إلى النبيّ بالبنان، ويحفظون له هذه اليد حيث لم يتعرّض بسوء لصحفهم المقدّسة، ويذكرون بإزاء ذلك ما فعله الرّومان حين تغلّبوا على أورشليم وفتحوها سنة ٧٠ ب. م إذ حرقوا الكتب المقدّسة


(١) زاد المعاد: ج ١، ٣٩٤- ٣٩٥ وراجع للتفصيل سنن أبي داود، باب المساقاة.
(٢) فتوح البلدان: للبلاذري، ص ٣٤ [انظر الأحاديث المفصلة في هذا الباب فيما أخرجه أبو داود في كتاب الخراج، باب ما جاء في حكم أرض خيبر، برقم (٣٠٠٦) ، وابن حبان في الصحيح برقم (١٦٩٧) وغيرها من حديث ابن عمر رضي الله عنهما] .
(٣) تاريخ الخميس: ج ٢، ص ٦٠.

<<  <   >  >>