للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم في النّاس، واصباح قريش! فأركبه في عجز بغلته، وخشي عليه أن يدركه أحد المسلمين فيقتله، وأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فلمّا رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم أنّه لا إله إلا الله؟» .

قال: بأبي أنت وأمّي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! والله لقد ظننت أن لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى عنّي شيئا بعد.

قال: «ويحك يا أبا سفيان! ألم يأن لك أن تعلم أنّي رسول الله؟» .

قال: بأبي أنت وأمّي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! أمّا هذه والله فإنّ في النفس منها حتى الآن شيئا.

قال العباس: ويحك أسلم واشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله، قبل أن تضرب عنقك، فأسلم وشهد شهادة الحقّ «١» .

عفو عامّ وأمن بسيط:

ووسّع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمن والعفو، حتّى أصبح أهل مكّة لا يهلك منهم إلّا من زهد في السلامة، وكره الحياة، فقال: «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن» «٢» .

ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشه عن أن يستخدموا السلاح عند ما يدخلون مكّة على أيّ إنسان إلّا من اعترضهم وقاومهم، وأمر بأن يعفّ الجيش عن أموال


(١) سيرة ابن هشام: ج ٢، ص ٤٠٣، وزاد المعاد: ج ١، ص ٤٢٢.
(٢) المصدر السابق: ج ٢، ص ٤٠٣، والرواية في البخاري مختصرة، باب «أين ركّز النّبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح» [برقم (٤٢٨٠) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما] .

<<  <   >  >>