للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[دخول خاشع متواضع، لا دخول فاتح متعال:]

ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكّة، وهو واضع رأسه تواضعا لله، حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح، حتّى إنّ ذقنه ليكاد يمسّ واسطة الرّحل، ودخل وهو يقرأ سورة الفتح «١» .

وفي دخوله مكّة فاتحا- وهي قلب جزيرة العرب ومركزها الروحيّ والسياسيّ- رفع كلّ شعار من شعائر العدل والمساواة، والتواضع والخضوع، فأردف أسامة بن زيد «٢» ، وهو ابن مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يردف أحدا من أبناء هاشم وأبناء أشراف قريش، وهم كثير.

وكان ذلك صبح يوم الجمعة لعشرين ليلة خلت من رمضان، سنة ثمان من الهجرة.

أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم رجل فكلّمه، فجعل ترعد فرائصه «٣» ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هوّن عليك فإنّي لست بملك، وإنّما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد» «٤» «٥» .


- ابن عباس رضي الله عنهما السابق.
(١) السيرة النبوية: لابن كثير، ج ٣، ص ٥٥٤، وجاء في صحيح البخاري رواية عن معاوية بن قرّة [عن عبد الله بن مغفّل] : «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكّة على ناقته وهو يقرأ سورة الفتح [وقال: «لولا أن يجتمع الناس حولي لرجّعت كما رجّع» انظر كتاب المغازي، باب أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح؟، برقم (٤٢٨١) ] .
(٢) السيرة النبوية: لابن كثير، ج ٣، ص ٥٥٦.
(٣) [القديد: اللّحم المملوح المجفّف في الشّمس] .
(٤) [الفرائص، جمع الفريصة، وهي عصب الرقبة وعروقها، لأنها هي التي تثور عند الغضب وترجف من الخوف] .
(٥) [أخرجه ابن ماجه في الأطعمة، باب القديد، برقم (٣٣١٢) ، والحاكم (٢/ ٤٦٦) و (٣/ ٤٨) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه] .

<<  <   >  >>