للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زلت موقنا أنّه سيظهر، حتى أدخل الله عليّ الإسلام» «١» .

وكان العرب لا يحلمون بغزو الروم والزّحف عليهم، بل كانوا يخافون أن يغزوهم في عقر دارهم، بل كانوا يرون أنفسهم أصغر من ذلك، وكان المسلمون في المدينة إذا حزبهم أمر، أو دهمهم خطر، ابتدرت أذهانهم إلى هجوم غسان وغزوهم، وهم تبع لقيصر ملك الروم وعماله.

جاء في قصّة الإيلاء التي وقعت سنة ثمان، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه-: «كان لي صاحب من الأنصار إذا غبت أتاني بالخبر، وإذا غاب كنت آتيه بالخبر، ونحن حينئذ نتخوّف ملكا من ملوك غسّان ذكر لنا أنّه يريد أن يسير إلينا، فقد امتلأت صدورنا منه، فأتى صاحبي الأنصاريّ يدقّ الباب، وقال: افتح افتح، فقلت: جاء الغسّانيّ؟!» «٢» .

وقد كانت الدولة الروميّة في أوجها، وقد دحرت جيوشها في قيادة هرقل جيوش إيران وأوغلت في ديارها، وهزمتها هزيمة منكرة، ومشى هرقل من حمص إلى «إيلياء» في موكب الملك المنتصر، والقائد المظفّر شكرا «٣» على هذا الانتصار الرائع، وذلك سنة سبع للهجرة، يحمل الصليب الذي استردّه من الفرس، وقد بسطت له البسط، ووزّعت عليه الرياحين، فمشى


(١) [أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب كيف كان بدء الوحي، برقم (٧) ، من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن أبي سفيان] .
(٢) أخرجه البخاري في تفسير سورة التحريم، باب: تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ..، برقم (٤٩١٣) ، ومسلم في كتاب الطلاق [باب في الإيلاء واعتزال النساء وتخيرهنّ، برقم (١٤٧٩) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما] .
(٣) صحيح مسلم (كتاب الجهاد والسير) ، باب «كتاب النّبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام» [برقم (١٧٧٣) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن أبي سفيان] .

<<  <   >  >>