للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأنّهم إمام الناس، وأهل بيت الله، فلمّا دانوا، وفتحت مكة، وأسلمت ثقيف، عرفوا أنه لا طاقة بهم، ووفدت الوفود من كلّ وجه يدخلون في دين الله أفواجا» «١» .

فكان لكلّ ذلك أثره الطبيعيّ في النفس، ففتح الطريق للدخول في الإسلام ولقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، وتقاطرت وفود هداية واستطلاع إلى مركز الإسلام كأنّها عقد انفرط، فتساقطت لآلئه في حجر الإسلام.

وكانت تعود إلى مراكزها تحمل روحا جديدة، وشحنة إيمانية، وحماسا في الدعوة إلى الإسلام، وكراهة شديدة للوثنيّة وآثارها، والجاهليّة وشعائرها.

كان من هذه الوفود وفد بني تميم، فيه أشراف قومهم المشهورون، جرت مساجلة بين خطيبهم وشاعرهم، وبين خطيب المسلمين وشاعرهم، ظهر فيها فضل الإسلام وتفوّق خطيبه وشاعره، أقرّ بذلك رؤساؤهم وأسلموا، وأجازهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسن جوائزهم «٢» .

وقدم وفد بني عامر، وقدم ضمام بن ثعلبة وافدا عن بني سعد بن بكر، ورجع إلى قومه داعيا، فكان أوّل ما تكلّم به أن قال: بئست «اللّات» و «العزّى» .

قالوا: مه يا ضمام! اتّق البرص، اتق الجذام، اتق الجنون.

وقال: ويلكم! إنّهما والله لا يضرّان ولا ينفعان، إنّ الله قد بعث رسولا، ونزّل عليه كتابا استنقذكم به مما كنتم فيه، وإنّي أشهد أن لا إله إلّا الله وحده


(١) مجمع بحار الأنوار: ج ٥، ص ٢٧٢.
(٢) سيرة ابن هشام: ج ٢، ص ٥٦٠- ٥٦٨.

<<  <   >  >>