للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هريرة رضي الله عنه) قال الحلبي الحديث أخرجه من الموطأ كما ترى وهو في مسلم والنسائي من رواية أبي سفيان عن أبي هريرة وأخرجاه جميعا عن عقبة عن مالك فإن قلت لم لم يخرجه القاضي من مسلم فالجواب أن بينه وبين مالك في الموطأ سبعة أشخاص ولو رواه عن مسلم كان كذلك ولكن الموطأ عندهم مقدم على غيره أيضا الموطأ يقع له من بعض الطرق أعلى مما ذكره بدرجة فيعلو له على مسلم ولكن لو أخرجه من عند النسائي كان يقع له أعلى من الموطأ عن أبي هريرة (يقول صلّى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم صلاة العصر) وقيل الظهر (فسلّم في ركعتين) أي بعد فراغه منهما ومن تشهدهما (فقام ذو اليدين) وسمي به لأن في يديه أو أحدهما طولا وقيل لأنه كان يعمل بكلتا يديه ووهم هنا الزهري مع سعة علمه فقال ذو الشمالين ولا يصح لأن ذا الشمالين استشهد ببدر وذو اليدين شهد قصة أبي هريرة وإسلام أبي هريرة بعد خيبر تأخر موته حتى روى عنه متأخرو التابعين كمطير وقيل إنهما واحد هذا لا يصح لأن ذا الشمالين خزاعي وذا اليدين سلمي (فقال يا رسول الله أقصرت الصّلاة) على بناء المفعول من القصر ضد الإتمام أو بفتح فضم صاد وتاء تأنيث على صيغة الفاعل بمعنى النقص قاله ابن الأثير وقال النووي كلاهما صحيح والأول أشهر وأصح وقال المزي الصحيح بناء قصرت لما لم يسم فاعله من قبل الرواية ومن قبل الدراية لأن غيرها قصرها ولموافقة لفظ القرآن أن تقصروا من الصلاة انتهى ولا يخفى أن هذا يشير إلى احتمال وجه آخر وهو أن يكون قصرت بفتحتين وتاء الخطاب وحينئذ يطابق قوله (أم نسيت) بفتح فكسر ثم تاء خطاب (فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) أي جوابا له (كلّ ذلك لم يكن) روي بالرفع والنصب فعلى الأول مبتدأ خبره لم يكن وعلى الثاني خبر كان مقدم عليها والمعنى كل ذلك لم يقع من قبلي بل إنما كان من عند ربي ليس الحكم في أمتي من جهتي (وفي الرّواية الأخرى ما قصرت) بصيغة الغائبة للفاعل أي الصلاة كما في نسخة (وما نسيت) بصيغة المتكلم وما يحتمل نافية واستفهامية ويؤيد الأول أنه في رواية أخرى لم أنس ولم تقصر وفي نسخة ولا نسيت (الحديث بقصّته) أي مشهور في روايته (فأخبر بنفي الحالتين) أي معا بناء على ما اختاره المصنف من أن ما ناقيه (وأنّها لم تكن) أي حالة منهما أي مطلقا أو القضية أصلا وفي رواية أنهما لم يكونا أي النقص والنسيان (وقد كان أحد ذلك) أي أحد ما ذكر من الحالتين في الواقع (كما قال له) وفي نسخة كَمَا قَالَ ذُو الْيَدَيْنِ (قَدْ كَانَ بَعْضُ ذلك يا رسول الله) فهذا يرجح كون ما نافية (فَاعْلَمْ وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ أَنَّ لِلْعُلَمَاءِ فِي ذلك أجوبة بعضها بصدد الإنصاف) أي متمسك بطريق الانصاف في الرجوع إلى الحق (ومنها) أي وبعضها (ما هو بنيّة التّعسّف والاعتساف) التعسف هو الخروج عن الجادة وركوب الأمر بالمشقة وفي معناه الاعتساف وإنما جمع بينهما للمبالغة ورعاية الفاصلة والمراد بالنية القصد والتوجه بالطوية وفي نسخة بتيه بكسر الفوقية فياء ساكنة فهاء وفسره الحلبي بالكبر والأظهر أنه بمعنى التحير في تيه الضلالة وبيداء الجهالة ولذا فسره التلمساني بعدم الاهتداء (وها أنا

<<  <  ج: ص:  >  >>