للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحكام من نحو السائبة والحام وتجويز أكل الميتة ونحوها من الحرام وكان في جبلتهم وطريقتهم تحريم الزنى وقتل النفس بغير حق وتقبيح أكل مال اليتيم والسرقة ومذمة الكذب وأمثالها مما اتفق الأنبياء القدماء على قبح أفعالها وأقوالها فينبغي أن يرجع الخلاف إلى كيفية عبادته لأنه عليه السلام كان قبل النبوة في مرتبة إباحته (ثُمَّ اخْتَلَفَتْ حُجَجُ الْقَائِلِينَ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ عَلَيْهَا) أي على صحة تلك الحالة أو المقالة (فذهب سيف السّنّة) أي القاطع في الحجة المبينة (ومقتدى فرق الأمّة) أي في علم الكلام والمسائل المهمة (القاضي أبو بكر) أي ابن الطيب الباقلاني المالكي (إلى أن طريق العلم بذلك) أي بكونه عليه الصلاة والسلام متبعا للشرع في عبادة ربه هنالك (النّقل) أي إلينا ووصل لدينا أي فوائد الأثر (وموارد الخبر من طريق السّمع) أي الوارد على ألسنة نقلة يكونون في مرتبة الجمع (وحجّته) أي القاضي أبي بكر (أنّه) أي الشأن (لو كان ذلك) أي وقع هنالك (لنقل) أي إلينا ووصل لدينا (ولما أمكن كتمه وستره في العادة) أي في جري العادة الغالبة علينا (إذ كان) أي نقل خبره (مِنْ مُهِمِّ أَمْرِهِ وَأَوْلَى مَا اهْتُبِلَ بِهِ) بضم الفوقية وكسر الموحدة أي اغتنم به في انتهاز فرصة لكونه تعبده (من سيرته ولفخر) بفتح الخاء أي لافتخر (به أهل تلك الشّريعة) على أمته (ولا احتجّوا به عليه) أي باتباع شريعة قلبه بعد ادعاء نبوته (ولم يؤثر) أي لم يرو (شيء من ذلك جملة) في سيرته من سريرته وعلانيته وفيه أن الظاهر المتبادر من حاله عليه الصلاة والسلام أنه كان قبل النبوة على دين جده الخليل عليه السلام في أمر التوحيد وحج البيت السعيد وما كان معروفا من ملته وما الهمه الله سبحانه من معرفته مع أنه لا احتجاج لأحد من أربا الملل إذ كان بعضهم يدعي النبوة بعد متابعة بعض الأنبياء السابقة كما وقع لأنبياء بني إسرائيل عليهم الصلاة والسلام، (وذهبت طائفة إلى امتناع ذلك عقلا) حيث لم يجدوا بتصريح القضية نقلا (قالوا لأنّه) أي الشأن (يبعد أن يكون متبوعا من عرف) ويروى من كان (تابعا، وبنوا هذا على التّحسين والتّقبيح) العقليين (وهي طريقة غير سديدة) أي غير مستقيمة (وَاسْتِنَادُ ذَلِكَ إِلَى النَّقْلِ كَمَا تَقَدَّمَ لِلْقَاضِي أبي بكر أولى وأظهر) وقد قدمنا من بيان النقل ما يبطل ما بنوا عليه اساس العقل ومما يقويه أن موسى عليه السلام لما قتل القبطي قبل النبوة استغفر ربه وعد قتله معصية ولا شك أنه كان على دين من قبله من انبياء بني إسرائيل وتابعا ثم صار بعد ذلك متبوعا وإنما العقل يمنع في الجملة امتناع كون واحد تابعا ومتبوعا من جهة واحدة لا من جهة مختلفة ألا ترى إلى قوله تعالى فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ فإنه كان تابعا لإبراهيم عليه السلام في عموم ملته ومتبوعا في خصوص أمته ونظير ذلك كون عيسى عليه السلام متبوعا في أول أمره ويكون تابعا لنبينا صلى الله تعالى عليه وسلم في آخر عصره، (وقد قالت فرقة أخرى بالوقف في أمره عليه السلام) أي في شأنه قبل بعثته للعجز عن معرفته (وترك قطع الحكم عليه) أي على حاله هنالك (بشيء في ذلك إذ لم يحل) من الإحالة وفي نسخة إذ لا يحيل أي لم يمنع (الوجهين منها العقل ولا استبان عندها) أي تلك الطائفة أو المسألة (في أحدهما) أي أحد

<<  <  ج: ص:  >  >>