للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغضب وجدّ) بكسر الجيم ضد الهزل والمراد به هنا العزم والحزم (ومزح) فإنه كما قال أمزح ولا أقول إلا حقا فإذا كان مزحه حقا فكيف لا يكون جده صدقا (فيجب عليك) يروى مما يجب لك (أن تتلقّاه) أي تأخذ وتنول وتقبل ما صدر من مشكاة صدره في أي حالة كانت من أمره (باليمين) أي بالقوة أو بالبركة وقيل باليد اليمين لأن اليمين تمد إلى كل حسن مرغوب ويتناول بها كل عزيز مطلوب (وتشدّ عليه يد الضّنين) بالضاد المعجمة أي البخيل الممسك للشيء الثمين وهذا نظير ما يقال عضوا عليه بالنواجذ (وتقدر) بكسر الدال وضمها أي تعرف (هذه الفصول حقّ قدرها) أي حق معرفتها أو تعظمها حق عظمتها كما قيل بالمعنيين في قوله تعالى وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ (وتعلم عظيم فائدتها وخطرها) بفتحتين وحكي سكون ثانيهما أي منزلتها وقدرها وعائدتها (فَإِنَّ مَنْ يَجْهَلُ مَا يَجِبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم أو يجوز أو يستحيل عليه) أي يمتنع عقلا أو نقلا (ولا يعرف صور أحكامه) أي فرضا ونفلا (لا يأمن) ويروى لا يؤمن أي عليه من (أن يعتقد في بعضها) أي المذكورات (خلاف ما هي عليه) من الصواب في القضيات المشهورات (ولا ينزّهه) أي النبي (عمّا لا يجب) ويروى عما لا يجوز أي لا ينبغي (أَنْ يُضَافَ إِلَيْهِ فَيَهْلِكَ مِنْ حَيْثُ لَا يدري) ما يترتب عليه (ويسقط في هوّة الدّرك) بضم الهاء وتشديد الواو الوهدة العميقة والدرك بفتح الراء وسكونها ضد الدرج (الأسفل من النّار) أي منازلها وفيه إشعار إلى أن من لم يكن في زيادة فهو في نقصان ومن لم يكن في اعتلاء فهو في ارتداء إذ لا توقف للإنسان في مرتبة استواء ومنه قول أبي الفضل التورزي:

ونزولهموا وطلوعهموا فإلى درك وعلى درج

فالأبرار لهم درجات والفجار لهم دركات (إذ ظنّ الباطل به) أي بالنبي عليه الصلاة والسلام (واعتقاد ما لا يجوز عليه يحلّ) بفتح الياء وضم الحاء ويكسر وبتشديد اللام أي ينزل (بصاحبه) فيدخل (دار البوار) أي الهلاك والخسار (ولهذا) المعنى (ما) أي الأمر الذي وقيل ما زائدة (احتاط النبي صلى الله تعالى عليه وسلم) أي اخذ بالحزم والثقة من جهة الشفقة (على الرّجلين) أي من الأنصار كما في البخاري وغيره قيل هما أسيد بن حضير وعباد بن بشر (اللَّذَيْنِ رَأَيَاهُ لَيْلًا وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ) جملة معترضة (مع صفيّة) متعلق برأياه (فقال لهما إنّها صفيّة) أي إحدى أمهات المؤمنين وقد جاءت تزوره في اعتكافه في العشر الأواخر من رمضان فتحدثت معه ساعة ثم قام معها لينقلها إلى بيتها حتى إذا بلغت باب المسجد فمرا به فأبصراه فسلما على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأسرعا في المشي إما لحيائهما من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وإما لئلا يستحيي النبي عليه الصلاة والسلام منهما فقال لهما على رسلكما أي اثبتا على مشيكما ولا تسرعا في سيركما أنها صفية فقالا سبحان الله تعجبا من قوله ذلك لهما إذا لا يظن مسلم به عليه الصلاة والسلام ما لا يليق به

<<  <  ج: ص:  >  >>