للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلحقون مكانه (قال أبو الحسن القابسي) سبق ذكره (اختصّ الله تعالى محمّدا صلى الله تعالى عليه وسلم بفضل) أي بزيادة فضيلة (لم يؤته غيره) أي من فضلاء انبيائه (أبانه به) جملة استئناف أي أظهره الله تعالى بما آتاه من فضله وفي نسخة ضبط ابانة بالمصدر على أنه منصوب على العلة أي اظهارا بفضله وكماله واشعارا بعلو شأنه وتمام جماله (وهو ما ذكره في هذه الآية) أي مما يدل على تلك الإبانة، (قال المفسّرون أخذ الله الميثاق بالوحي) أي إلى أنبيائه (فلم يبعث نبيّا إلّا ذكره له محمّدا ونعته) أي وذكر له صفته كما في التوراة والإنجيل وغيرهما على ما مر (وأخذ عليه) أي على كل نبي (ميثاقه) أي الخاص به وهو (إن أدركه ليؤمننّ به) بفتح النونين وإليه أشار صلى الله عليه وسلّم بقوله حين رأى عمر أنه ينظر في صحيفة من التوراة لو كان موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي أي لأجل أخذ الميثاق بذلك وإلا فكان الأمر يقتضي عكس ما هنالك لان اللاحق يكون تابعا للسابق، (وقيل أن يبيّنه) أي أخذه عليه أَنْ يُبَيِّنَهُ (لِقَوْمِهِ وَيَأْخُذَ مِيثَاقَهُمْ أَنْ يُبَيِّنُوهُ لمن بعدهم) وفي نسخة لمن بعده أي وهكذا إلى أن يبعث فيؤمنوا به كما بينه سبحانه وتعالى بقوله وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ الآية؛ (وَقَوْلُهُ ثُمَّ جَاءَكُمْ: الْخِطَابُ لِأَهْلِ الْكِتَابِ الْمُعَاصِرِينَ لمحمّد) اللام للتقوية وفي نسخة المعاصرين محمدا صلى الله عليه وسلّم أي الذين كانوا في زمانه ولا يخفى أن هذا المعنى لا يصح على القول بأنه تعالى أخذ ميثاق النبيين بذلك إذ من قاله لا يجعل الخطاب إلا لهم وإنما يصح عند من قال ميثاق معاصريهم وإضافته في الآية إلى النبيين نظرا إلى أنهم هم الذين أخذوه على أممهم وأنهم يأخذونه على من بعدهم وهكذا إلى أن يبعث فتقدير الآية وإذ اخذ الله الميثاق الذي أخذه النبيون على أممهم (قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه) كما رواه ابن جرير في تفسيره عنه أنه قال موقوفا يكون في الحكم مرفوعا (لَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ نَبِيًّا مِنْ آدَمَ فَمَنْ بعده) أي نبيا بعد نبي (إِلَّا أَخَذَ عَلَيْهِ الْعَهْدَ فِي مُحَمَّدٍ صَلَّى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَئِنْ بُعِثَ وَهُوَ حَيٌّ لِيُؤْمِنَنَّ به ولينصرنّه) بفتح ما قبل النون الثقيلة فيهما لإفراد الضمير بهما (ويأخذ) بالنصب بفتح الذال عطف على ما دخله اللام ونون التوكيد مرادة كإرادتها في قوله:

لا تهين الفقير علك أن تر ... كع يوما والدهر قد رفعه

حيث أراد لا تهينن فحذفت لما استقبلها ساكن أي وليأخذن (العهد بذلك على قومه) وفي نسخة برفع يأخذ (ونحوه عن السّدّي) أي ونحو هذا القول المروي عن علي منقول عن السدي (وقتادة) تقدم الكلام على قتادة وأنه من أجلاء التابعين وعظماء المفسرين وأما السدي فهو بضم السين وتشديد المهملتين كان يجلس في سدة باب الجامع وهما اثنان كبير وصغير فالكبير هو اسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كربة السدي الكوفي يروي عن ابن عباس وأنس وطائفة وعنه زائدة وإسرائيل وأبو بكر بن عياش وخلق وهو حسن الحديث أخرج له مسلم والأربعة وأما الصغير فهو محمد بن مروان الكوفي روى عن هشام بن عروة والأعمش تركوه

<<  <  ج: ص:  >  >>