للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنذر) محمد بن إبراهيم النيسابوري (أجمع عوّام أهل العلم) أي كلهم (عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم يقتل) صونا لقدره وتعظيما لأمره ونعم ما قيل من المبنى في هذه المعنى:

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ... حتى يراق على جوانبه الدم

(وممّن قال ذلك) أي القتل بسبه (مالك بن أنس) إمام المذهب (واللّيث) أي ابن سعد (وأحمد) أي ابن حنبل (وإسحاق) أي ابن راهويه (وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ رحمه الله) تعالى يعني المنصف (وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ المذكورين) من العلماء، (وبمثله) أي بمثل قول من ذكر بقتل من سبه لا بعدم قبول توبته كما وهم الدلجي إذ يرده قول المنصف لكنهم قالوا هي ردة (قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى) أي نصا منه (وأصحابه) وافقوا معه فيه (والثّوريّ) أي سفيان بن سعد (وأهل الكوفة) أي جميعهم (والأوزاعي) وهو إمام جليل أخذ عنه مالك والثوري (في المسلمين) وفي نسخة في المسلم احترازا ممن وقع له سب وهو من المعاهدين لاختلاف فيه على ما تقدم (لكنّهم قالوا) أي العلماء المتأخرون من أبي حنيفة ومن بعده في الذكر وإن كانوا هم المتقدمين في الرتبة والعمر (هي) أي سبه وأنثه باعتبار خبره وهي (ردّة) أي ارتداد وسيجيء بيان حكم المرتد من أنه يستتاب فإن أبى يقتل على الجواب الصواب (وروى مثله) أي مثل قول هؤلاء أنه ردة (الوليد بن مسلم) أحد الأعلام من أهل الشام مات سنة خمس وتسعين وروى ابن أبي مسلم والأول أصح (عن مالك) الإمام فيكون عنه روايتان (وحكى الطّبريّ مثله) أي مثل القول بأنه ردة (عن أبي حنيفة وأصحابه فيمن تنقّصه) بشيء ينقصه (صلى الله تعالى عليه وسلم أو برىء منه) أي تبرأ منه بأن قطع مودته ومحبته عليه الصلاة والسلام (أو كذّبه) في قول من أقواله (وَقَالَ سُحْنُونٌ فِيمَنْ سَبَّهُ ذَلِكَ رِدَّةٌ كَالزَّنْدَقَةِ) من الثنوية القائلين بتناسخ الأرواح ودوام الدهر والأشباح ذكره الدلجي تبعا للجوهري في صحاحه أن الزنديق من الثنوية وهو معرب والجمع الزنادقة وقد تزندق والاسم الزندقة انتهى وقال ابن قرقول الزنادقة من لا تعتقد ملة من الملل المعروفة ثم استعمل في كل من عطل الأديان وأنكر الشرائع وفيمن أظهر الإسلام وأسر غيره وقال الرافعي هو الذي يظهر الإسلام ويخفي الكفر والأصح عند الشافعية أنه الذي لا ينتحل دينا وقيل هو المباحي الذي لا يتدين بدين ولا ينتمي إلى شريعة ولا يؤمن بالبعث والنشور والزندقة بالفتح عقيدته (وعلى هذا) أي القول بكونه ردة مطلقة كالزندقة (وقع الخلاف في استتابته وتكفيره) أي خروجه من الإسلام إلى كفره لأنه لم يعرف له دين في أمره فلا يستتاب لعدم الاعتماد على تغيره (وهل قتله) أي بعد توبته (حدّ) أي سياسة (أو كفر) حقيقة (كَمَا سَنُبَيِّنُهُ فِي الْبَابِ الثَّانِي إِنْ شَاءَ الله تعالى) والحاصل أن الخلاف محصور فيما ذكرنا، (وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي اسْتِبَاحَةِ دَمِهِ بَيْنَ علماء

<<  <  ج: ص:  >  >>