للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يخفى أن ترجيح الرواية الشاذة وتخطئة الجمهور من الرواية ليس على الصواب وإنما يتعين تأويل روايتهم بأن المراد بالعاطفة هي المشاركة في الموت لأنه مشترك بين العباد في جميع البلاد إذ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ فكأنه قيل وعليكم ما قلتم أيضا فهو جواب دعاء عليهم معاقبة لديهم ما احتمال أنهم قالوا السلام باللام ولذا لم يصرح لهم بقول عليكم السام بالواو العاطفة أو بدونها وفي إيماء إلى قوله تعالى وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها هذا والذي دخل عليه عليه الصلاة والسلام وقال السام عليكم جاء في رواية أنه يهودي وفي أخرى أنه رهط من اليهود وفي رواية اناس وفي أخرى ناس ولعلها قضيتان وقد يجمع بأن دخل عليه رهط من اليهود وسلم واحد منهم والله اعلم (ولا قتل الآخر) جملة حالية أو عطف بالمعنى على ما قبله أي ولم ما قتل الكافر الآخر (الّذي قال له) كما رواه البخاري وفي قسمة قسمها (إنّ هذا لقسمة) وفي نسخة قسمة (ما أريد بها وجه الله تعالى) قال الدلجي هو ذو الخويصرة وهو وهم منه فقد قال الحلبي هذا الآخر لا أعرفه غير أنه وقع في صحيح البخاري أنه من الأنصار وقد قال بعض الفضلاء إنه مغيث بن قشير وأما الذي قال له أعدل فذاك ذو الخويصرة يعني بالتصغير كذا صرح به في صحيح مسلم من رواية أبي سعيد الخدري وهو تميمي قتل في الخوارج يوم النهروان وهو رأس الخوارج ولهم ذو الخويصرة رجل آخر يماني يروي في حديث مرسل أنه هو الذي بال في المسجد ولا ثالث لهما في الصحابة ووقع في صحيح البخاري في باب من ترك قتال الخوارج للتألف في كتاب استتابة المرتدين ما لفظه جاء عبد الله بن ذي الخويصرة التميمي فقال أعدل انتهى قال الحلبي والصحيح أنه ذو الخويصرة ويحتمل أنه مرة نسب القول إلى أبيه ونسبه تارة إليه لأنهما قالاه والله تعالى اعلم أقول ولا يبعد أن عبد الله هو ذو الخويصرة وأنه لقبه ولقب أبيه أيضا والله تعالى اعلم وكان قول هذا القائل يوم حنين لما آثر عليه الصلاة والسلام أناسا في القسمة لمصلحة رآها فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل وأعطى عيينة بن حصين مثل ذلك على ما قدمناه (وقد تأذّى النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم من ذلك) ولكنه من كمال حلمه أو لتألفه في جمال علمه تحمل منه هنالك (وَقَالَ قَدْ أُوذِيَ مُوسَى بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فصبر) على ما آذاه به بنو إسرائيل كحمل قارون المومسة بالرشوة على قذفه بنفسها واتهامهم له بقتل أخيه هارون إذ ذهب معه إلى الطور فمات هنالك فحملته الملائكة فمرت بهم فعوفوا أنه لم يقتله ورميهم بعيب في جسده من برص وأدرة به قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً (وَلَا قَتَلَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا يُؤْذُونَهُ فِي أكثر الأحيان) ويعظمونه في قليل من الزمان وفي نسخة في كل الأحيان أي غالب الأزمان (فَاعْلَمْ وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم كان أوّل الإسلام) أي في أول ظهوره عليه الصلاة والسلام (يستألف عليه النّاس) أي يطلب ائتلافهم ويقصد تألفهم قال المزي المستعمل يتألف (ويميل) بالتشديد أو التخفيف من الإمالة أي يحول (قلوبهم ويميّل

<<  <  ج: ص:  >  >>