للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَّى عَلَيْهِ فَقِيلَ لِسُحْنُونٍ هَلْ هُوَ كَمَنْ شتم النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي منتقصا له (أو شتم الملائكة الّذين يصلّون عليه) صفة كاشفة وظاهره أنه شتم لله وملائكته منطوقا ولرسوله ضمنا مفهوما فإن الله تعالى قَالَ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ وكأن المصنف اقتصر على ذكر الملائكة لقوله لا صلى الله فإن الظاهر منه المغايرة (قال) سحنون (لا) أي لا شتم هنا مطلقا (إذا كان) أي حال قائله (على ما وصفت) أنت (من الغضب) أي من غضبه على مديونه (لأنّه لم يكن) حينئذ (مضمرا للشّتم) أي لا للنبي ولا لغيره من الملائكة وغيرهم بل المراد به امتناعه حينئذ من الصلاة المشعر ذكرها بالمساهلة في المعاملة كما في العرف والعادة حال المجاملة، (وقال أبو إسحاق البرقيّ) بفتح الموحدة (وأصبغ بن الفرج) بالجيم (لا يقتل لأنّه إنّما شتم النّاس) أي بظاهره لا أراد غيرهم بل أراد منهم بحسب لفظة الناس الموجودين لا الآتين والماضين لئلا يكون شتما للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه الكرام والعلماء العظام والمشايخ الكرام والتعبير بالشتم فيه مسامحة لغوية إذ كلامه جملة دعائية وهذا قريب من اللغو في العبارات العرفية (وهذا) الذي ذكر عنهما (نحو قول سحنون) لا أنه يغايرهما ويعارضهما (لأنّه) أي سحنون (لم يعذره) بكسر الذال أي لم يسامحه (بالغضب في شتم النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي ضمنا ولا في شتم الملائكة ظاهرا (ولكنّه) أي الشأن (لمّا احتمل الكلام عنده) أي احتمالين فاحتاج إلى قرينة مرجحة لأحد الحالين (ولم تكن معه) أي مع كلامه (قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى شَتْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ شَتْمِ الْمَلَائِكَةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عليهم ولا مقدّمة) أي سابقة من قرائن المقال أو الحال (يحمل عليها كلامه بل القرينة) الحالية (تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ النَّاسُ غَيْرُ هَؤُلَاءِ) أي النبي والملائكة ففيه نوع تغليب وقد تصحف علي الدلجي وتحرف في أصله غيرها أي غير الملائكة (ولأجل) أي ولا مقدمة لأجل (قول الآخر) والصواب أن التقدير وهذه القرينة الحالية لأجل قول الآخر وهو غريمة (لَهُ صَلِّ عَلَى النَّبِيِّ فَحُمِلَ قَوْلُهُ وَسَبُّهُ) أي دعاؤه عليه (لِمَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ الْآنَ لِأَجْلِ أَمْرِ الْآخَرِ له بهذا عند غضبه) وهذا نظير ما قال علماؤنا في يمين الفور من أنها محمولة على وقت اليمين دون ما بعده على أن هنا احتمالا آخر وهو أن يكون تقدير كلامه لا أصلي عليه أنا في هذه الحال صلى الله تعالى عليه وسلم في الماضي والاستقبال (هَذَا مَعْنَى قَوْلِ سُحْنُونٍ وَهُوَ مُطَابِقٌ لِعِلَّةِ صاحبيه) أي الدليل البرقي وأصبغ على ما تقدم (وذهب الحارث بن مسكين القاضي) قال الحلبي هذا ففيه مشهور أموي مولى مروان مصري أخذ عن ابن عيينة وابن وهب وابن القاسم وسأل الليث وعنه أبو داود والنسائي وجماعة ثقة حجة عاش نيفا وتسعين سنة قال الخطيب كان ثبتا في الحديث ففيها على مذهب مالك حمله المأمون إلى بغداد أيام المحنة لأنه لم يجب إلى القول بخلق القرآن فلم يزل محبوسا إلى أن ولي المتوكل فأطلقه فحدث ببغداد ورجع إلى مصر وكتب إليه المتوكل بعهده على قضاء مصر (وغيره) أي من العلماء المالكية (في مثل هذا) القول وهو لا صلى الله (إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>