للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفضة إذ لم يرع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لأحد بأجرة قط وإنما كان يرعى غنم أهله والصحيح ما فسره به إبراهيم بن إسحاق الحربي الإمام في الحديث واللغة وغيرهما أن قراريط اسم مكان في نواحي مكة وكان ذلك منه وسنه نحو العشرين فيما استقرئ من كلام ابن إسحاق والواقدي وغيرهما انتهى وهذا يرد ما قاله القاضي وكذا ما بوب عليه البخاري في صحيحه في كتاب الإجارة باب رعي الغنم على قراريط انتهى وفي القاموس القيراط يختلف وزنه بحسب البلاد فبمكة ربع سدس دينار وبالعراق نصف عشره (فهذا) أي رعى الغنم ولو بأجرة (لا غضاضة فيه) أي لا منقصة (جملة واحدة) أي من حيث هو لأنه من جملة كسب المال على وجه الحلال (بخلاف من قصد به الغضاضة) أي النقص (والتّحقير بل كانت) أي الرعاية بالأجرة وغيرها (عادة جميع العرب) أي طوائفهم وقبائلهم ومثل هذا يختلف باختلاف العرف في الزمان والمكان بل كان عادة غير العرب أيضا كما يستفاد من قصة موسى وشعيب عليهما السلام فإنهما من بني إسرائيل وهم الاعجام فإن قيل فهل لرعي الأنبياء للغنم من فائدة فيقال، (نعم في ذلك) أي رعي الغنم (للأنبياء حكمة بالغة) لا يدركها إلا الأصفياء (وتدريج) وفي نسخة وتدريج الله تعالى (لهم إلى كرامته وتدريب) أي تعويد (بِرِعَايَتِهَا لِسِيَاسَةِ أُمَمِهِمْ مِنْ خَلِيقَتِهِ بِمَا سَبَقَ لهم من الكرامة) بالنبوة والرسالة والإمامة والإمارة (في الأزل ومتقدّم العلم) بكسر الدال أي سابقه الذي ظهر في القلم الأول (وكذلك قد ذكر الله يتمه) لموت أبيه جنينا قد أتت عليه ستة أشهر فكفله جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب إذ كان شقيق أبيه فأحسن التربية فيه قال تعالى أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى وَوَجَدَكَ ضَالًّا أي جاهلا بتفصيل الإيمان وَوَجَدَكَ عائِلًا فقيرا فَأَغْنى وهذا معنى قول المصنف (وعيلته) أي وذكر الله فقره وحاجته (على طريق المنّة عليه) بإيوائه واغنائه (والتّعريف بكرامته له) أي بهدايته وهداية غيره بنور رسالته (فذكر الذّاكر) أي المخبر (لها) أي لحالته من يتمه وعيلته (على وجه تعريف حاله) المتضمن لكرامته (والخبر عن مبتدئه) أي ابتداء أمره وظهور قدره (والتّعجّب من منح الله) بكسر الميم وفتح النون جمع منحة أي نعمه (قبله) بقاف مكسورة فموحدة مفتوحة أي في جهته (وعظيم منّته) وفي نسخة بنونين وفي نسخة منن الله (عنده ليس فيه) على ما ذكر به (غضاضة) أي ما يؤدي إلى منقصته (بَلْ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى نُبُوَّتِهِ وَصِحَّةِ دَعْوَتِهِ) لجميع أمته (إذ أظهره الله تعالى بعد هذا) أي أطلعه وغلبه وعلاه (على صناديد العرب) أي أكابرهم (ومن ناوأه) مفاعلة من النوء وهو النهوض فأصله الهمز وابدل أي عاداه (من أشرافهم شيئا فشيئا) أي سنة فسنة ساعة فساعة وفي أصل التلمساني فيما فشا من الفشو وهو الكثرة والظهور والنمو وما موصولة واقعة على الخبر وفي بمعنى على أي على ما فشا وشاع وذاع من الخبر أي أن أمره في ذلك ليس بخفي بل هو ظاهر جلي أو فى على أصلها أي في فاشي الخبر وظاهر الأثر (ونمى) بتشديد الميم أي زكى (أمره) وعلا قدره وفي نسخة بتخفيف الميم (حتّى قهرهم) أي غلبهم فنهاهم وأمرهم كما روي أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال يوم فتح مكة

<<  <  ج: ص:  >  >>